يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله -:
إن النبي صلى الله عليه لم يتزوج في سن الشباب والفراغ إلا بخديجة، وكانت رضي الله عنها ثيبًا، وبعد الكهولة والقيام بأعباء النبوة ومكافحة المشركين وغيرهم من أعداء النبوة تزوج عدة زوجات ثيبات، ومنهن أمهات الأولاد وكبيرات السن، ولم يتزوج فتاة بكرًا إلا عائشة بنت الصديق (رضي الله عنه).
وأسباب ذلك:
بعضه سياسي كتوثيق الروابط بينه وبين القبائل كتزوجه بجُوَيْرِيَّة وهي بَرَّة بنت الحارث سيد بني المُصْطَلَق، فقد كان المسلمون أسروا من قومها مئتي بيت بالنساء والذراريّ، فأراد (ﷺ) أن يعتقوهم وكره أن يكرههم على ذلك إكراهًا فتزوج سيدتهم، فقال المسلمون: أصهار رسول الله (ﷺ) لا ينبغي أسرهم فأعتقوهم.
ومنها ما كان لأجل كفالة بعض المؤمنات السابقات إلى الإيمان المهاجرات بعد قتل أزواجهن أو وفاتهم ؛ كتزوجه أم سلمة (هند) على كبر سنها وما عندها من الأولاد.
ومنها ما كان لأجل الإصلاح وحمل الناس على الشريعة بالقدوة؛ كزواجه بزينب بنت جحش؛ لإبطال التبني وأحكامه الضارة الفاسدة.
ومنه مكافأة صاحبَيْه ووزيرَيْه أبي بكر وعمر ، وتشريفهما بمصاهرته إياهما.
وهناك مصلحة عامة هو أن يوجد في بيت النبوة عدة من النسوة يتعلمْنَ الأحكام الشرعية الخاصة بالنساء ويعلمْنَها للمسلمات، وقد كان ( ﷺ ) لشدة حيائه يستحي أن يخاطب النساء بكل الأحكام المتعلقة بهن إذا لم يسألْنَ عنها ، فكان أزواجه الطاهرات خير واسطة لذلك، وهذه حكمة ما كانت تحصل لو اكتفى بزوج واحدة، لا يدري أتعيش بعد فقهها كثيرًا أم لا.