ليس هناك من سبيل لطلب المسامحة من الميت بعد موته ، وهذا ما يؤكّد أهمية حديث المصطفى ﷺ : (مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ) رواه لبخاري 2296
قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث :
قوله : ( من كانت له مظلمة لأخيه ) .. أي من كانت عليه مظلمة لأخيه .
قوله : ( من عِرْضه أو شيء ) أي من الأشياء .. فيدخل فيه المال بأصنافه والجراحات حتى اللطمة ونحوها ، وفي رواية الترمذي ” من عرض أو مال ” .
قوله : ( قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ) أي يوم القيامة .
قوله : ( أُخذ من سيئات صاحبه ) أي صاحب المظلمة ( فحمل عليه ) أي على الظالم ..
وهذا الحديث قد أخرج مسلم معناه من وجه آخر وهو أوضح سياقا من هذا ولفظه :ـ
” المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا ، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه وطرح في النار ”
وعند أبي نعيم من حديث ابن مسعود( يؤخذ بيد العبد فينصب على رءوس الناس وينادي مناد : هذا فلان ابن فلان فمن كان له حق فليأت ، فيأتون فيقول الرب : آت هؤلاء حقوقهم ، فيقول : يا رب فنيت الدنيا فمن أين أوتيهم ، فيقول للملائكة : خذوا من أعماله الصالحة فأعطوا كل إنسان بقدر طلبته ، فإن كان ناجيا وفضل من حسناته مثقال حبة من خردل ضاعفها الله حتى يدخله بها الجنة .)
وأخرج أحمد والحاكم من حديث جابر عن عبد الله بن أنيس رفعه ” لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عنده مظلمة حتى أقصه منه ، حتى اللطمة . قلنا يا رسول الله كيف وإنما نحشر حفاة عراة ؟ قال : بالسيئات والحسنات ” فتح الباري شرح صحيح البخاري
وعلى أيّة حال فعلى المسلم التوبة إلى الله جلّ وعلا ، فإذا صدق مع الله في التوبة وعمل ما يُمكن من البرّ بما يمكن فعله للميت ورأى الميت في صحيفته استغفارك له فلعلّه أن يعفو عنك في ذلك الموقف إذا لم يكن قد عفا عنك في الدّنيا ، وأكثر من الدعاء له والله يعفو عنّا أجمعين .