الكُنافة لون من ألوان الطّعام الحلال لا حرمة في تناوله كسائر الأطعمة الحلال، التي ينبغي الاعتدال فيها مع شكر الله عليها كما قال تعالى ( يا أيُّها الذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّموا طَيِّباتِ ما أحلَّ اللهُ لَكُم ولا تعتدُوا إنّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ ) [ سورة المائدة : 87 ] وكانت ممّا يقدّمه خلفاء مصر الفاطميّون على موائد الإفطار في رمضان، وصارت من المظاهر الواضحة في هذا الشهر، هي ومثيلاتها من القطايف والزلابية. … …

يقول بعض الكتاب : بلغ من شهرة هذه الأصناف أن جلال الدين السيوطي جمع ما قيل في الكُنافة والقطايف في كتاب سماه ” منهل اللطائف في الكنافة والقطايف” والكنافة ـ كما يقول ابن فضل الله العمريّ ـ أول مَن اتّخذها من العرب معاوية بن أبي سفيان، وكان يأكلها في السحور، وفيها يقول الشاعر الفَكِهُ أبو الحسين الجزار المصري:

سَقى اللهُ أكْنافَ الكنافةِ بالقَطْرِ
وجادَ عَلَيْها سُكَّرًا دائمَ الدّرِّ
وتَبًّا لأوْقاتِ المُخَلَّلِ إنَّها
تَمُرُّ بلا نَفْعٍ وتُحْسَبُ مِنْ عُمرِي

والقطايف سُمِّيَتْ بذلك تشبيها بخَمل القطيفة التي تُفرش. وفي القاموس: القطائف المأكولة لا يعرفها العرب، وفيها يقول الصّفدي :

أَتانِيَ صَحْنٌ مِنْ قَطائِفِكِ التِي
غَدَتْ وهِيَ رَوْضٌ قَدْ تَبَلَّلَ بِالقَطْرِ
ولا غَرْوَ إِنْ صَدَّقْتَ حُلْوَ حَدِيثِهَا
وسُكَّرَهَا يَرْوِيهِ لِي عَنْ أَبِي ذَرِّ
يريد بأبي ذَر : السُّكّر المسحوق.

أما الزلابية فلم يكثر فيها الشعراء من الوصف مع إنها عربيّة، لوجودها في رجز قديم، يقول ابن الرّومي في وصفها ووصف صانعها:

ومُسْتَقَرّ عَلَى كُرْسِيّه تعب
روحي الغَداء له مِن منصب تعبِ
رأيتُهُ سَحَرًا يَقْلِي زَلابِيةً
فِي رِقّةِ القِشْرِ والتَّجْويفِ كَالقَصَبِ
يُلْقِي العَجينَ لُجَيْنًا مِنْ أَنامِلِهِ
فَيَسْتَحيلُ شَبَابِيكًا مِنَ الذَّهَبِ