يقول الشيخ عطية صقر -رحمه الله تعالى-:

من عجز عن أداء الحج بنفسه لمرض أو شيخوخة أو غيرهما، وعنده القدرة المالية يجب عليه أن ينيب غيره ليحج عنه، بدليل الحديث الذي رواه الترمذي بسند صحيح عن الفضل بن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال “نعم”.

وكذلك إذا مات من استطاع أن يحج ولم يحج يجب أن يحج عنه غيره حتى لو لم يوص بذلك على ما رآه جمهور الفقهاء، وتخرج النفقات من التركة وتقدم على الميراث؛ لأنها دين. روى البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال “نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا فالله أحق بالوفاء”.

هذا عن الحج عن الغير، أو الحج الواجب، أما الحج للغير وهو الحج المندوب الذي يريد الحاج أن يهدي ثوابه لأحد أقاربه أو لغيره ممن ماتوا ولم يكن الحج واجبًا عليهم فيجوز أيضًا، ويستوي في ذلك أن تكون نفقات الحج من الشخص نفسه أو من شخص آخر أو جهة أخرى، وإن كان للمتبرع بهذه النفقات ثواب أيضًا.

ويشترط في كلا الأمرين -الحج عن الغير والحج للغير- أن يكون القائم به سبق له الحج عن نفسه وسقطت عنه الفريضة، فإن لم يكن قد أداها حسبت الحجة له هو، على ما رآه جمهور الفقهاء وليس للغير فيها نصيب من سقوط الحج عنه أو وصول الثواب إليه، والدليل على ذلك ما رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي وصححه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، فقال له: “من شبرمة”؟ قال: أخ أو قريب لي، قال “أحججت عن نفسك”؟ قال: لا، قال: “فحج عن نفسك ثم حج عن شبرمة.

هذا، والحج الواجب عن الغير إن كان ميتًا لا يشترط فيه أن يكون قد أوصى به؛ لأن الدين يجب قضاؤه مطلقًا، وكذلك سائر الحقوق المالية من كفارة أو زكاة أو نذر فالظاهر أن دين الحج مقدم على دين الآدمي، إذا كانت التركة لا تتسع للحج والدين، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث الجهينة السابق “فالله أحق بالوفاء” والإمام مالك لا يوجب الحج عن الغير من تركته إلا إذا أوصى، أما إذا لم يوص فلا يحج عنه، وحجته أن الحج عبادة غلب فيها جانب البدنية فلا يقبل النيابة كالصلاة وإذا أوصى كان الحج من الثلث.

ومما سبق يعلم جواز الحج عن المريض بالشروط التي اتفق عليها الفقهاء من سقوط الحج الفرض عن الحاج عن غيره ؛ وعدم قدرة المريض على الحج مع الاستطاعة المالية .