لا نرى التوسع في الحج عن الأموات ، بحيث يستأجر للإنسان من يحج عنه ؛ فالأصل في الحج أنه عبادة ذاتية ، والأصل ألا يؤجر الإنسان إلا عن عمله . قال تعالى: “وأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى”، وإنما وسّع الله على عباده لينوب عنهم غيرهم ، في حالات معينة ، فضلاً منه ورحمة ، وجعل ذلك للأولاد – كما دلَّت على ذلك الأحاديث – ابنًا أو بنتًا عن أبيهما أو أمهما، باعتبار أن الولد من كسب أبيه ، ويمكن أن يدخل في ذلك الأقرباء ؛ لما في ذلك من الصلة الرَّحِمية، كما في حديث الرجل الذي سمعه يقول: لبيك اللهم عن شبرمة. قال: “ومن شبرمة؟” قال: أخ لي، أو قريب لي. قال: “أحججت عن نفسك؟”، قال: لا، قال: “حج عن نفسك، ثم عن شبرمة .
فأجاز هذا الحديث أن يحج الإنسان عن قريبه، أما حج الأجانب بعضهم عن بعض فلم يَرِد فيه نص شرعي من كتاب أو سنة، وإن أجازه من أجازه من العلماء.
على أننا نقول : إذا تساهلنا، وأجزنا في حج الأجانب بعضهم عن بعض، فلا بد أن يكون من بلد المحجوج عنه ؛ فإذا كان من مصر ، يحج عنه من ينوب عنه من مصر ، وإذا كان من بريطانيا يحج عنه واحد من بريطانيا، وهكذا؛ حتى لا يكون البدل مخالفًا للأصل.
ومن هنا لا يجوز توكيل بعض طلبة العلم في المملكة العربية السعودية بحجهم عن غيرهم بالأجرة، وهذا لا يوفي بالمقصود، وهذا ما نرجحه، والله أعلم.
أما أخذ الأجرة أو مبلغ زهيد في مقابل الوساطة أو التنظيم لهذا العمل، فلا بأس به؛ لأنه في مقابل جهد مشروع، وقد شرع الله للعاملين على الزكاة أن يأخذوا أجرتهم من أموالها، وقد نص القرآن على ذلك حين قال: “… وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا…