كثرة الثواب لاتتوقف على وسيله السفر وحدها سواء كان ذلك بالطائرة أم مشياً على الأقدام ، لكن تتوقف كثرة الثواب كذلك على الإخلاص لله عز وجل، والالتزام بأوامر الله عزوجل ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والأصل ألا يتكلف المسلم في سفره للحج أو العمرة، فلا يسافر مشيا، بينما يسر الله له وسيلة سهلة، ولا يأتي ممتطيا دابة، وهو يستطيع أن يستقل سيارة، لكن المشقة التي يتحملها الإنسان بسبب أنه لا يملك غير ذلك، هو مأجور عليها بلا شك، لأن الثواب على قدر المشقة ، لكن دون تكلف ، وبمراعاة ماذكرناه من الإخلاص لله ، والالتزام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

يقول فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله :

كثرة الثواب في العبادات ليست مبنية على مجرد المشقة فقط، بل مبنية على اعتبارات كثيرة، وشرائط شتى، أهمها الإخلاص لله عز وجل، وإتقان العبادة بأركانها وآدابها، على وجه حسن، فكلما كان هناك الإخلاص، وكان هناك الموافقة للسنة وآدابها كانت العبادة أعظم أجرا، ثم هناك المشقة أيضا تأتي بعد ذلك، والإنسان الذي يبذل في عبادته جهدا أكبر، فجهده لن يضيع عند الله عز وجل، بشرط ألا يتكلف ذلك.

هب أن الإنسان كان مسجده قريبا من بيته، فهل له أن يذهب ويلف ويدور ليبعد المسافة ويكثر الخطا إلى المسجد، لينال أجرا أعظم؟ هذا ليس مشروعا.
ولكن لو كان في طبيعة الحال، البيت بعيداً عن المسجد، فإن له بكل خطوة حسنة.

أراد بنو سلمة أن يأتوا قريبا من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ويدعوا بيوتهم في أطراف المدينة، فلم يسمح النبي صلى الله عليه وسلم لهم بذلك، وأقرهم في بيوتهم، وبشرهم بأن لهم في كل خطوة يأتونها إلى الصلاة حسنة، فهذه الحسنات مسجلة لهم في رصيدهم عند الله، ولكن ليس معنى هذا أن الإنسان يطيل الخًطا أو يبعد الطريق حتى يكسب الحسنات.

لو أن إنسانا ليس لديه أجرة الطائرة، التي تحمله، وجاء راكبا دابة أو ماشيا أو في باخرة رخيصة الأجر، فلا شك أن له أجرا عظيما أكثر مما يأتي في ساعتين أو أقل أو أكثر ولا يحس بتعب ولا نصب… إنما المهم ألا يتكلف ذلك… فيأتي مشيا، بينما يسر الله له المطية، أو يأتي ممتطيا دابة، وهو يستطيع أن يستقل سيارة، فالمشقة التي يتجشمها الإنسان بسبب أنه لا يملك غير ذلك، هو مأجور عليها بشرط عدم التكلف.