معنى المحبة في الله ، أن يحب الشخص فيمن يحب الأمور التي يحبها الله ، من طاعة وصلاح وتقى ، وهذه المحبة لا تستلزم لقاء ولا اتصالا ، بل إنها قد توجد بين شخصين لم يتقابلا أبدا ، فبمجرد أن يسمع أحد فينا عن الإمام أحمد بن حنبل فإنه يحبه في الله.
وأما الحب بسبب الاشتراك في الميول والاتجاهات ، فهذا حب جبلي ، وليس في الله.
ثم إن الحب بين الجنسين له عدة صور:-
أن يرى شاب فتاة، أو ترى فتاة شابا فيقع في قلب كل واحد منهما حب صاحبه…. فإلى هذا الحد لا يوجد أمر حرام طالما أن النظر الذي سبب هذا الحب لم يكن إلى عورة ولا بشهوة، والمقصود بالعورة ما يزيد على الوجه والكفين من المرأة، والمقصود بالشهوة التلذذ والارتياح والأنس والاستمتاع بهذا النظر.
والواجب حينئذ إذا كان الشاب مستعدا على الزواج قادرا عليه أن يتقدم إلى خطبة هذه الفتاة بعد دراسة الأمر، فإذا تمت الموافقة على هذه الخطبة فيجوز حينئذ للخاطب أن يزور خطيبته في بيتها في وجود المحرم ليتبادلا أطراف الحديث، ولا يجوز له أن يلمسها ، ولا أن يتحسس جسمها ، ولا أن ينظر إليها بشهوة ، ولا أن يقبلها ، ولا أن يقترب منها بحيث يكون ملاصقا لها ، ومماسا لجسدها ، ولا أن يغازلها، ولا أن يقول لها كلمات الحب والعشق.
فكل ما له هو أن يجلس معها في وجود المحرم ، وتجلس هي ولا تظهر سوى الوجه والكفين ، ويتبادلا الحديث الذي ليس فيه تمايع ، ولا تكسير ، ولا شهوة ، والمقصود من الحديث أن يتعرف كل واحد إلى شخصية الآخر .
وليس لهما أن يجلسا سويا دون محرم، وليس لهما أن يخرجا سويا دون محرمـ ، فالخطبة ليست زواجا.
وأما بدون هذه الخطبة فلا توجد علاقة بينهما من أي نوع، وإذا أنشآ هما علاقة بينهما باسم الحب فإنها تكون علاقة آثمة، وكل ما يدور بينهما من لقاءات أو نظرات أو كلمات في الحب والعشق والغزل فكل هذا حرام، وهو داخل في العلاقات الآثمة المحرمة، وهو صورة من اتخاذ الأخدان الذي ذمه الله تعالى في كتابه ،يقول الله تعالى مبينا صفات المرأة المسلمة( محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان ) [النساء:25] وفي خصوص الرجال: ( محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ) [المائدة:5]. وأما مجرد أن تحس الفتاة بهذا الحب دون أن يتبعه نظر محرم، ولا لقاء محرم فليس في هذا مؤاخذة شرعية.