من المعلوم أنه يباح للنساء دون الرجال التجمل بلبس الذهب، سواء الذهب الخالص أو المطلي، ومن المعلوم –أيضاً- أنه يحرم على الرجال والنساء استعمال آنية الذهب والفضة للأكل والشرب، لما ثبت في الصحيحين عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -ﷺ- يقول: “لا تلبسوا الحرير، ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا، ولنا في الآخرة” وهذا لفظ البخاري، وعلى هذا إجماع علماء الإسلام، كما حكاه النووي وغيره.
أما غير الأكل والشرب من سائر وجوه الاستعمال والانتفاع فأكثر العلماء على التحريم –أيضاً- قياساً على الأكل والشرب الوارد في نص الحديث النبوي، هذا بالنسبة للذهب الخالص، أما المموه والمطلي بالذهب فهو أيضاً محل خلاف بين أهل العلم، والذي يترجح أن حكم المطلي بالذهب مثل حكم الذهب، وإن كان أخف منه في التحريم، خاصة عند إمكان تخليص الطلاء وتمييزه، وذلك لمشاركته له في الاسم، ولمشابهته له في علة التحريم.
وعلة التحريم هي ما ذكره ابن القيم في زاد المعاد (4/351)، حيث قال: (فالصواب أن العلة – والله أعلم- ما يُكسب استعمالها -أي: آنية الذهب والفضة- القلبَ من الهيئة، والحالة المنافية للعبودية منافاةً ظاهرة، ولهذا علّل النبي – ﷺ- بأنها للكفار في الدنيا، إذ ليس لهم نصيب من العبودية التي ينالون بها في الآخرة نعيمها، فلا يصلح استعمالها لعبيد الله في الدنيا، وإنما يستعملها من خرج عن عبوديته، ورضي بالدنيا وعاجلها من الآخر.
لذا فالظاهر أن الجوالات المطلية بالذهب لا تجوز للرجال ولا للنساء، لأن المطلي بالذهب له حكم الذهب، ولأن الجوال ليس من جنس حلي المرأة ولبسها.