يقول الإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه الآية الكريمة
قال ابن عباس من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب أي بحبل إلى السماء أي سماء بيته ثم ليقطع يقول ثم ليختنق به وكذا قال مجاهد وعكرمة وعطاء وأبو الجوزاء وقتادة وغيرهم
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فليمدد بسبب إلى السماء أي ليتوصل إلى بلوغ السماء فإن النصر إنما يأتي محمدا من السماء ثم ليقطع ذلك عنه إن قدر على ذلك وقول ابن عباس وأصحابه أولى وأظهر في المعنى وأبلغ في التهكم فإن المعنى من كان يظن أن الله ليس بناصر محمدا وكتابه ودينه فليذهب فليقتل نفسه إن كان ذلك غائظه فإن الله ناصره لا محالة قال الله تعالى إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد الآية
ولهذا قال فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ قال السدي يعني من شأن محمد ﷺ وقال عطاء الخراساني فلينظر هل يشفى ذلك ما يجد في صدره من الغيظ
معنى قوله تعالى من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة
يقول الإمام القرطبي ـ رحمه الله ـ
قوله تعالى ( من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء )
قال أبو جعفر النحاس من أحسن ما قيل فيها أن المعنى من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا ﷺ وأنه يتهيأ له أن يقطع النصر الذي أوتيه فليمدد بسبب إلى السماء أي فليطلب حيلة يصل بها إلى السماء ثم ليقطع أي ثم ليقطع النصر إن تهيأ له فلينظر هل يذهبن كيده وحيلته ما يغيظه من نصر النبي ﷺ والفائدة في الكلام أنه إذا لم يتهيأ له الكيد والحيلة بأن يفعل مثل هذا لم يصل إلى قطع النصر
وقال ابن عباس إن الكناية في ينصره الله ترجع إلى محمد ﷺ وهو إن لم يجر ذكره فجميع الكلام دال عليه لأن الإيمان هو الإيمان بالله وبمحمد ﷺ والانقلاب عن الدين انقلاب عن الدين الذي أتى به محمد ﷺ أي من كان يظن ممن يعادي محمدا ﷺ ومن يعبد الله على حرف أنا لا ننصر محمدا فليفعل كذا وكذا
وعن ابن عباس أيضا أن الهاء تعود على من والمعنى من كان يظن أن الله لا يرزقه فليختنق فليقتل نفسه إذ لا خير في حياة تخلوا من عون الله والنصر على هذا القول الرزق
انتهى كلام الإمام
هل الآية خاصة أم عامة
إن الآية عامة في المستضعفين وغيرهم وتدفع المسلم على الثقة في وعد الله وتبث الأمل في النفوس أن نصر الله لرسوله ودينه ودعوته أمر لا يشك فيه مسلم مهما تنكرت الدنيا للمسلمين وتألب عليهم الأعداء ولكن كل شيء عنده بمقدار والمهم أن ننصر الله على أنفسنا فينصرنا على أعدائنا ولينصرن الله من ينصره والله غالب على أمره ومتم نوره إن شاء الله .