الواجب على من أخذ قرضا بالربا ثم تاب بعد تسديده التوبة بأن يعزم على أن لا يعود إلى هذا الذنب أبدا، وأن يندم على فعلته السابقة ندما يملك عليه أقطار نفسه.
أما إذا كانت توبة المقترض قبل تسديد القرض ، فيجب عليه أن يبادر بتسديد القرض ليعفي نفسه من الفائدة المحرمة، فإذا لم يستطع إلغاء القرض، ولا المبادرة في رده فعليه أن يستصحب النية أنه متى قدر على ذلك فعله.
التوبة من الاقتراض بالربا
يقول الدكتور سامي بن إبراهيم السويلم -مدير مركز البحث والتطوير بالمجموعة الشرعية بشركة الراجحي المصرفية للاستثمار- :
-أول ما يجب فعله في هذه الحالة هو الاستغفار والتوبة مما وقع.
-ثم يجب سؤال الله تعالى أن يهيئ له الأسباب التي تنقذه من غضب الله وسخطه وتسهل له الرزق الحلال.
-وعليه أن يجتهد في الدعاء بذلك ويتحرى أوقات الإجابة، ولن يضيع الله عبداً لجأ إليه وانطرح بين يديه وأخلص في دعائه.
كيفية التخلص من القرض الربوي
يقول الدكتور سامي بن إبراهيم السويلم: هناك عدد من الخيارات للتخلص مما تبقى من القرض الربوي :
أولا : إذا أمكن سداد ما تبقى من القرض دفعة واحدة (سداد مبكر) مقابل إسقاط ما تبقى من الفوائد فهو واجب، حتى لو تطلب ذلك أن يقترض من أحد أصدقائه أو معارفه (بدون فوائد بطبيعة الحال)، فهذا خير من البقاء على الربا.
ويجب أن يخاطب إدارة البنك لتوافق على إسقاط ما تبقى من الفوائد مقابل السداد المبكر لتجنب الاستمرار في هذه الكبيرة.
وإذا لم يمكن إسقاط كل الفوائد المتبقية فإن السداد المبكر يظل واجباً، لأنه خروج من الربا في الحال، وهذا خير من الاستمرار فيه.
ثانيا : يمكن شراء أسهم بالأجل ثم تسليم هذه الأسهم للبنك سداداً لما تبقى من القرض، وإذا وافق البنك على ذلك أمكنه التخلص من القرض الربوي وما تبقى من فوائده. ويبقى في ذمته ثمن الأسهم، وهذا دين مشروع لأنه ناتج عن بيع.
ولا أنصح أن يأخذ قرضاً من خلال التورق المصرفي، لأن التورق المصرفي حيلة على الربا وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بمنعه. والحيلة على الربا لا تقل سوءاً عن الربا الصريح إن لم تكن أسوأ منه. ويغنيه عن التورق المصرفي شراء الأسهم أو المعادن بأجل ثم تسليم الأسهم أو المعادن مباشرة للبنك.
ثالثا : إذا تعذر ما سبق فإن أمكن أن يبيع بعض ممتلكاته التي يمكنه الاستغناء عنها للسداد المبكر فهو أولى. يمكن مثلاً أن يبيع سيارته نقداً لسداد القرض، ثم يشتري لنفسه سيارة بالتقسيط.
رابعا : إذا تعذرت كل الخيارات السابقة، ولم يجد وسيلة أخرى للتخلص من القرض الربوي، فهو في حكم المضطر. ولا يجوز له التوقف عن السداد بدعوى أن القرض ربوي.
خطورة التعامل بالربا
الربا محرم ولكن الخيانة والغدر أشد تحريماً. كما أن التوقف عن السداد بدعوى أن القرض ربا يفتح الباب لاستغلال الإسلام بأبشع صورة، وهذا صد عن سبيل الله ودينه، وهو من أكبر الكبائر.
فإذا كان مضطراً ولم يجد مخرجاً، بعد بذل كل الأسباب الممكنة وبعد التضرع إلى الله أن يخرجه من هذا المأزق، ففي هذه الحالة يغتفر ارتكاب أدنى المفسدتين دفعاً لأعظمهما، كما هو مقرر في أصول الشريعة وقواعدها التي أجمع عليها العلماء.
وليس هناك فيما أعلم كفارة خاصة لمن وقع في الربا، عدا التوبة والاستغفار والانتهاء عن التعامل بالربا، كما قال تعالى : (فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ). [سورة البقرة : 275].
وليعلم كل من يتعامل أو يقترض بالربا أنه لن يعيش سعيدا أبدا فستكون حياته كلها شقاء وتعب وهم إلا أن يتخلص من الربا لأن الله تعالى قال : ( فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) ومن يقدر على هذا.
فالانتهاء والتوبة تجب ما سبق إن شاء الله، والله تعالى يهيئ لنا ولكم سبل الحلال ويغنينا بفضله عمن سواه.