قال تعالى: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) سورة الزمر: آية 53.
وقد أجمع العلماء أن هذه الآية للتائبين، وقد أخبر فيها سبحانه وتعالى أنه يغفر الذنوب جميعا لهم، إذا صدقوا في التوبة إلى الله وندموا، وأقلعوا عن الذنوب، وعزموا على ألا يعودوا فيها.
ونهى الله سبحانه وتعالى التائبين عن القنوط واليأس من رحمة الله مهما عظمت ذنوبهم وكثرت، فرحمة الله أوسع وعفوه أعظم وهو القائل: ( لا تقنطوا من رحمة الله ).
مدى قبول توبة من أسرف في المعاصي؟
يقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوم:
اعلم ـ أيها التائب ـ أن الله واسع المغفرة، وقد فتح باب التوبة على مصراعيه أمام المخطئين المذنبين.
فقال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم) (الآية 53 من سورة الزمر).
ثم إن ندمك على ما كان منك أول خطة على طريق المتاب، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن رسول الله ﷺ قال: “ما علم الله من عبد ندامة على ذنب إلا غفر له قبل أن يستغفر منه” رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد، وحيث ندمت فاعزم العزم الأكيد على ألا تعود إلى زلاتك أبدا فإنه إذا صممت على عدم العودة إلى الذنب، أغلقت على النفس والهوى والشيطان منافذ الدواعي والجواذب إلى العصيان، فما تقع في زلة بعد ذلك.
ماذا يفعل التائب بعد التوبة؟
على التائب أن يقلع عن الذنب إقلاعًا، ويرد الحقوق لأصحابها، ويكثر من الأعمال الصالحات، صلاة وذكرًا وصومًا وصدقة، ويؤد الفرائض كلها، ويتقرب إلى مولاه سبحانه وتعالى بما استطاع من النوافل ويجتهد ألا يراه الله حيث نهاه، وألا يفقده حيث أمره، فعسى الله أن يقبل منه ويرضى عنه ويبدل سيئاته حسنات.
فقد وعد تعالى ووعده الحق، فقال عز من قائل: ( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحًا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيمًا ) الآية 70 سورة الفرقان .
وقال وقوله الحق: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد) الآيتان 25 – 26 سورة الشورى.