أولاً: لا يمكن أن يوجد أي تعارض حقيقي بين النصوص الصحيحة الثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ثانيًا: كثير من التعارض الذي يتحدث عنه عامة الناس، إنما سببه اعتمادهم على عدد لا بأس به من الأحاديث التي لم تصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد تتعارض مع الأحاديث الصحيحة، وهذا لا يعود بالعيب على الشريعة، إنما على الذين لا يستوثقون من صحة الأحاديث.

ثالثًا: قد يبدو هنالك بعض أشكال التعارض الموهوم، وهو ما يعرف “بالتعارض الظاهري بين النصوص الصحيحة”، حيث بالتحليل الدقيق للأحاديث والتمعن بمعانيها يتبين عدم وجود أي تعارض. إنما التعارض تبادر إلى أذهاننا ابتداء، ثم زال عند التمحيص وتحليل النصوص بدقة، وصرف كل حديث إلى ما يدل عليه من معنى خاص.

رابعًا: مثال عن بعض الأحاديث التي فيها تعارض فيها ظاهري. وتختلط على العامة : أنه لا يخلد في النار أحد من المسلمين، وإنما قد يدخلها لإثم ما ارتكبه، يعذب عليه، ثم ينقل إلى الجنة برحمة الله عز وجل. ومن الأدلة على ذلك الحديث الصحيح “أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال حبة خردل من إيمان”. والحديث الصحيح الآخر: “من قال لا إله إلا الله دخل الجنة”. لكن دخوله الجنة لا يمنع أن يطهر من خطاياه بالنار. وكذلك الأحاديث التي جاءت في المتكبر أو قاطع الرحم لا يدخل الجنة أي مباشرة أو في أول الداخلين، وإنما يعاقب على هذه الذنوب، ثم يدخل الجنة.

ومثال آخر حديث: “والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه” فلا يعني هذا الحديث أن الذي يؤذي جاره يكفر. وإنما يقصد منه أن إيذاء الجار يضر الإيمان. فلا يكون من آذى جاره كامل الإيمان. فمعنى “لا يؤمن” أي “لا يكمل إيمانه”، وعلى هذا النحو يمكن التوفيق بين النصوص المتعارضة الصحيحة. وهنالك كتب يمكن الرجوع إليها في حل الإشكالات في التعارض الظاهري مثل “مشكل الآثار” للطحاوي، و”اختلاف الحديث” للشافعي، وغيرهما.