من المعلوم أن الأذان له فضل عظيم يكفي في بيانه قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه البخاري ومسلم ” لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ” والاستهام هو عمل القرعة .

وقوله فيما رواه مسلم ” المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة ” وفيما رواه البخاري ” لا يسمع مدى صوت المؤذن جِن ولا إنس ولا شيء إلا شَهِدَ له يوم القيامة ” .

وليس من المعقول أن يمكَّن أكثر من واحد من الأذان على مئذنة واحدة أو مُكَبِّر صوت واحد، فيكفي واحد لإقامة هذه السنة ، التي قيل : إنها فرض كفاية ، لو تركه أهل البلد أو المحلة قوتلوا على تركه؛ لأنه من العلامات التي تدل على أن الأهل مسلمون ، وكان الرسول إذا بعث السرية يقول ” إذا رأيتم مسجدًا أو سمعتم مناديًا ـ مؤذنًا ـ فلا تقتلوا أحدًا ” رواه أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه ، وكان هو إذ غزا قومًا لم يغز حتى يصبح ، فإذا سمع أذانا أمسك ، وإذا لم يسمع أذانا أغار بعد ما يصبح. رواه البخاري .

ورعاية لحرص الكثيرين على الأذان لنيل فضله أوجد لهم الرسول مَخرجًا من التنافس والتزاحم فندب إلى ترديد ما يقول المؤذن ، إلا عند حيِّ على الصلاة وحي على الفلاح فيقال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فقد روى الطبراني حديثًا حسنًا يقول ” من سمع المؤذن فقال مثل ما يقول فله مثل أجره ” وروى مسلم وغيره أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال ” إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا عليَّ ، فإنه من صلى عليَّ صلاة صلى الله بها عليه عشرًا ثم سلوا الله لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل الله لي الوسيلة حلَّت له الشفاعة ” .