يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:-

من أعطى هبة من ماله بعض أولاده أو أحدهم وحرم الباقين وهو على قيد الحياة ثم مات قد ارتكب إثمًا من جهتين:
الأول : أنه ميز بعض أبنائه عن غيره، بأن أعطاه كل ثروته، وحرم أولاده الآخرين منها. وهذا غير جائز، وقد قال النبي لأحد الصحابة في قضية مماثلة طلب منه أن يشهد عليها، فقال عليه الصلاة والسلام لذلك الصحابي: ” أشهد على ذلك غيري، فإني لا أشهد على جور
وأجاز بعض العلماء أن يفضّل بعض الأبناء، أو البنات بشيء من العطاء لسبب معين يجعله أشد حاجة من غيره، كأن يكون به عاهة أو برص مزمن، أو يكون أخوته تعلموا وهو لم يتعلم، أو تزوجوا بمساعدة أبيهم، وهو لم يتزوج، أو نحو ذلك، مما يعتبر في الحقيقة محاولة للتسوية في الفرص بين الجميع.

الثاني: أن عمله هذا (وخصوصًا في إعطاء العقارات والأشياء الثابتة) يعتبر مخالفة لأحكام الله تعالى البينة في الميراث، وقد فصلها القرآن بعبارات واضحة، مثل قوله: { يُوصِيكُمُ اللّهُ
فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} وقوله في آخر الآية { فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً } وقوله بعد آيتي الميراث: { تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم. ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذاب مهين}
والابن الذي أعطى وحده كل أموال أبيه دون سائر أخوته وهو يعلم، قد قبل الحرام، وشارك الأب في الإثم. وعليه أن يسترضى جميع أخوته برد حقوقهم إليهم، أو بعضها إذا رضوا به. وبذلك يبرئ ذمته، وذمة أبيه في قبره، ويكون هذا برًا بالأب وتخفيفًا عنه بعد موته، وصلة للرحم، ورعاية لحق الأخوة من ناحية أخرى. والله يبارك له في القليل الحلال، وهو خير من الكثير الحرام.