يقول الله تعالى عن الكُفّار (وما كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ البَيْتِ إِلاّ مُكَاءً وتَصْدِيةً) (سورة الأنفال : 35) المُكاء هو الصفير، والتّصدية هي التصفيق كما قال ابن عمر والسّدي ومجاهد.وهنا أقوال أخرى في تفسيرهما، لا داعي لذكرها، قال ابن عباس: كانت قريش تطوف بالبيت عُراة، يُصفِّقون ويُصفِّرون، فكان ذلك عبادة في ظنِّهم.
من هذا يعرف أن الذين يتقربون إلى الله ويعبدونه بالتصفير والتصفيق، مخطئون، وقد أشار إلى ذلك القرطبي في تفسيره، حيث نعى على الجُهّال من الصوفية الذين يرقصون ويصفِّقون، وقال: إنه منكر يتنزّه عن مثله العقلاء، ويتشبّه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت.
لكن التصفيق لتحية الضيف الوافد على الحفل ليس عبادة، ولا يقصد به التقرّب إلى الله، ليثيبَهم على احترامهم لإنسان يستحقّ الاحترام، بل هو عُرْف وسلوك اختاروه ابتداء أو قلدوا فيه غيرهم ليظهروا الإعجاب بما يُثير إعجابهم ، وليس هناك ما يمنع ذلك شرعًا.
وإن كنا نوصِي بألاّ يكون ذلك في الأحفال التي تقام في المساِجد، تنزُّهًا عن المشاركة للمشركين في الصورة التي كانت تقع منهم في المساجد للتقرُّب، وليكن الإعجاب بالتكبير مثلاً أو بصيغة تتناسب وجلال المسجد، وقد روى بسند ضعيف أن النبي ـ ﷺ ـ قال للنابغة لما أنشده شعرًا أعجبه ” أحسنتَ يا أبا لَيلى، لا يُفضِّض الله فاكَ” وكذلك قال لعمِّه العباس لما مدحه بقصيدة شعريّة “العراقي على الإحياء ـ كتاب آداب السماع.