التصديق بنعيم القبر وعذابه مِن العقائد الإسلامية التي يجب الإيمان بها ، لأنه ثابت بالقرآن والسنة والإجماع ، وهذا رأيُ مَن يُعتد بهم من السلف من الصحابة والتابعين .
يقول الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق-رحمه الله-:
الحقُّ أن عذاب القبر وكذا نعيمه ثابت بالكتاب والسُّنة والإجماع ، ويجب على كل مسلم الإيمان به ، لمَا ورد في ذلك مِن النصوص المُؤيدة والبالغ مَجموعها حدَّ التواتر ، وقد تضافرت في ذلك الأدلة الواضحة القوية .
حيث جاء في كتاب الله ـ عز وجل ـ قوله تعالى :
(إذِ الظَّالمونَ في غَمَرَاتِ الموتِ والملائكةُ باسطُوا أيدِيَهُمْ أَخْرِجُوا أنْفُسَكُمْ اليومَ تُجْزَوْنَ عذابَ الهُونِ). (من الآية: 93 في سورة الأنعام) ، وقوله ـ تعالى ـ: (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إلى عذابٍ عظيمٍ). (من الآية: 101 في سورة التوبة) ، وقوله ـ تعالى ـ:(وحاقَ بآلِ فرعونَ سُوءُ العذابِ. النارُ يُعرَضونَ عليها غُدُوًّا وعَشِيًّا ويومَ تَقُومُ الساعةِ أَدْخِلُوا آلَ فِرعونَ أشدَّ العَذابِ). (من الآية: 45 والآية: 46 في سورة غافر). ففي قوله: (النارُ يُعرَضونَ عليها) أيْ:قبل يوم القيامة، وذلك في القبر بدليل قوله ـ تعالى ـ: (ويومَ تَقُومُ الساعةِ أَدْخِلُوا آلَ فِرعونَ أشدَّ العَذابِ) ، وقول الله ـ تعالى ـ: (أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا). (من الآية: 25 في سورة نوح). والفاء في قوله: (فَأُدْخِلُوا نَارًا): تُفيد التعقيب، فيكون العذاب عقِب الوفاة وهذا في القبر.
وجاء في السُّنة الشريفة الأحاديث المُتواترةِ المعنى في هذا الموضوع كقوله ﷺ :
“القبرُ روضةٌ مِن رِياضِ الجنَّةِ أو حُفرةٌ مِن حُفَرِ النِّيرانِ”. رواه الترمذي، وقال هذا حديث حسن ، وكما روى البخاري ومسلم وعائشة ـ رضيالله عنها ـ أن يهوديةً دخلت عليها فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذكِ اللهُ مِن عذاب القبر، قالت عائشة: فسألت رسول الله ـ ﷺ ـ عن عذاب القبر، فقال: “نَعَمْ، عذاب القبر حقٌّ، قالت فما رأيتُ رسول الله ـ ﷺ ـ بعدُ صلَّى صلاةً إلا تعوَّذ مِن عذاب القبر.
وروى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال:”مَرَّ النبي صلي الله عليه وسلم ـ على قبرينِ، فقال: إنهما ليَعُذَّبانِ، وما يُعذبانِ في كبير، ثم قال: بلى، أمَّا أحدهما فكان يسعَى بالنميمة، وأما أحدهما فكان لا يَستَتِرُ مِن بوْله، قال: ثم أخذ عُودًا رَطِبًا، فكَسره باثنتينِ، ثم غَرَزَ كلًّا منهما على قبرٍ، ثم قال: لعله يُخَفّفُ عنهما ما لمْ يَيْبَسَا”. رواه البخاري ، وروى عبد الله بن عمر ـ رضيالله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال: “إنَّ أحدَكم إذا مات عُرض عليه مَقعده بالغداة والعشيِّ، إنْ كان من أهل الجنة فمِن أهل الجنة، وإنْ كان مِن أهل النار فمِن أهل النار، فيُقال: هذا مَقعدك حتَّى يَبْعثكَ اللهُ”. رواه البخاري ، وعن أبي هريرة ـ رضيالله عنه ـ قال: كان رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ يدعو: اللهمَّ إني أعوذُ بك مِن عذاب القبر، ومِن عذاب النار، ومِن فتنة المَحْيَا والمَمات، ومِن فتنة المسيح الدجَّال”.
فهذه النصوص كلها مُتضافرة تُفيد: أن عذاب القبر مِن العقائد الإسلامية، التي يجب الإيمان بها، وهذا رأيُ مَن يُعتد بهم من السلف من الصحابة والتابعين، ومن الخلف كذلك ـ ولم يُخالف في هذا إلا المُعتزلة، ولا يُعتدُّ بقولهم.