جاء في شرح زاد المستقنع للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي:

قد اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على قولين:

فمنهم من يرى لزومها ووجوبها لحديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه: أن النبي قال: ( لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ).

هل عدم البسملة قبل الوضوء يبطله:

يقول الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي: قال طائفة من العلماء وهو مذهب الجمهور:أن البسملة ليست بواجبة في الوضوء وذلك:

أولاً: لأن الله تعالى لم يأمر بها، وقد أمر الله بالبسملة في الذبح فقال: { فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } [الأنعام:118]، ونهى عن الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه فقال: { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } [الأنعام:121].

فلو كانت البسملة في الوضوء واجبةً لذكرها في بداية الوضوء.

ثانياً: أن الأحاديث الواردة عن النبي في الوضوء في الصحيحين لم يثبت في واحد منها أن النبي ذكر التسمية قبل الوضوء.

ولذلك لا يجب ذكرها عند ابتداء الوضوء.

والحديثُ مُتَكَلَّمٌ في سنده، وإن كان مذهب بعض المحققين من المتأخرين أنَّه يُحَسِّن إسناده.

ولكن يُجاب: بأن قوله: ( لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ) نفي مُسَلَّط على الحقيقة الشرعية.

والقاعدة في الأصول: (أن كل نفي تسلَّط على الحقيقة الشرعية، وتعذَّر حملُه على نفي الصحة وَجَبَ صرفُه إلى الكمال)، كقوله: ( لا إيمان لمن لا أمانة له ) أي: لا إيمان كامل، فإنه نفي مسلَّط على الحقيقة الشرعية، فلا يستقيم نفي صحة الإيمان ووجود الإيمان؛ لوجود الأدلة التي تدل على أن ارتكاب الكبيرة نقصانٌ في الإيمان وليس ذهاباً لحقيقته.

معنى لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله:

يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “لا صَلاةَ لِمَنْ لا وُضوءَ له”والمَعْنى: لا صَلاةَ أيَّ صَلاةٍ كانت من الفَرْضِ والنَّفْلِ لِمَنْ ليس له وُضوءٌ مَوْجودٌ، وهذا بإجْماعِ المُسلِمينَ من السَّلَفِ والخَلَفِ، “ولا وُضوءَ لِمَنْ لم يَذكُرِ اسْمَ اللهِ تَعالى عليه”، وظاهِرُ هذا الحديثِ عَدَمُ إجْزاءِ الوُضوءِ، وعَدَمُ صِحَّتِهِ إذا تجرَّدَ عن ذِكرِ اسْمِ اللهِ عليه، وهذا قَولُ ورأيُ بَعضِ العُلَماءِ، وحمَلَ بعضُ العُلَماءِ هذا الحَديثَ على نَفْيِ الكَمالِ لا نَفْيِ الصِّحَّةِ، أي: لا وُضوءَ كامِلٌ، لِوُروردِ حَديثِ: “مَن تَوضَّأَ فذكَرَ اسْمَ اللهِ كان طُهورًا لِجَميعِ بَدَنِهِ، ومَن توضَّأَ ولم يَذكُرِ اسْمَ اللهِ كان طُهورًا لأعْضاءِ الوُضوءِ به”.

بناءً على ذلك: يكون قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاةَ لمن لا وضوءَ لَهُ ، ولا وضوءَ لمن لم يذكرِ اسمَ اللَّهِ تعالى عليهِ ) أي: لا وضوء كامل، وهذا هو الأولى والأقوى.