الأدلة من الكتاب والسنة على التسمية عند الذبح:
قال الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمُكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) (المائدة: 4).
2 ـ وقال (والبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِا صَوَافّ) (الحج: 36).
3 ـ وقال: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكِرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) (الأنعام : 121).
4 ـ وقال: (قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِه) (الأنعام: 145).
5 ـ وقال النبي ـ ﷺ ـ “إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله تعالى فكل، وإن شارك كلبك كلبٌ آخَرَ فلا تأكل، فأنت إنما سَميت على كلبك ولم تُسم على كلب غيرك” رواه البخاري ومسلم.
6 ـ وسألت السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ رسول الله ـ ﷺ ـ فقالت: إن قومًا يأتوننا بلحوم فلا ندري أَسَموا أم لم يُسموا، فقال “سَموا أنتم وَكُلُوا” رواه البخاري.
في الآية الأولى الأمر بذِكْر الله عَلَى الصيد، وفي الآية الثانية الأمر بذكر الله على البُدن، وهي الهدي الذي يُساق للذبح في الحَرَم، وفي الآية الثالثة النَّهي عن الأكل مما لم يُذْكر اسم الله عليه؛ لأنه فِسق وفي الآية الرابعة حُرْمَة أكل الفسق الذي أُهِلَّ لغير الله به، وفي الحديث الأول النهي عن الأكل من الصيد الذي لم يُسم عليه، وفي الحديث التالي تسمية من يأكل على ما لا يدري هل سمي الذابح عليه أو لم يُسم.
إزاء هذه النصوص اختلف فقهاء المذاهب الأربعة في حُكْم التسمية عند الذبح وعند الصيد.
1 ـ فالحنفية قالوا إن التسمية واجبة ولو تُرِكَت عمدًا لا تحل الذبيحة ولا الصيد، وإن تُركت نسيانًا حول الأكل منهما، واستدلوا بالآيتين الأولى والثانية الآمرتين بذكر اسم الله، وحملوا الأمر على الوجوب، بدليل النهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه في الآية الثالثة، ويؤكد أن النهي للتحريم وصفه بأنه فسق في الآية نفسها.وكذلك تحريم الفسق في الآية الرابعة ووصفه بأنه ما ذُكِرَ اسم غير الله عليه ، ومثل ذِكْر اسم غير الله عدم ذِكْر اسم الله، فالمُحَرَّم ما لم يُذْكَر اسم الله عليه أصلاً، أو ذُكِرَ اسم غيره.
وإنما تجاوزوا عن ترك التسمية نسيانًا؛ لأن الناسي للتسمية كالذاكر لها، مثل ذلك مثل نية الإمساك عن المُفْطرات في الصيام. فلو تَرَكَهَا عمداً بطل صيامه، ولو تركها نسيانًا لم يَبْطُل، لكن يُعْتَرض على قولهم بحُرْمَة الأكل مما لم يُسم عليه بعدم تحريم النبي ـ ﷺ ـ لذبائح الأعراب وأمر من يأكل بالتسمية فدلَّ على أنها ليست شرطًا في الذبح، وردوا عليه بتعذر معرفة الذابح هل سمى أو لم يُسم، ولعل سؤال السيدة عائشة عن ذلك يشعر بأن الأكل بدون تسمية الذابح حرام، ولو كان حلالاً ما سألت النبي ـ ﷺ.