يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-: “لكل أجل كتاب” يدخل في عمومه معالجة الداء بالدواء كما نرى آنًا بعد آنٍ أن الأطباء يقدرون زمنًا معينًا لشفاء المرضى والجرحى وتأخذ المحاكم بتقديرهم في القضايا التي تتعلق بذلك، وهذا التقدير يكون في الأكثر مبنيًّا على المعالجة والتداوي وهم يضعون مثل هذه التقديرات لموت المرضى والجرحى كما يضعونها لشفاء من يحسبون أنه يُشفى، يقولون مثلاً : إن هذا المرض أو الجرح إذا عولج معالجة قانونية يُشفى بعد شهر أو يموت صاحبه بعد شهر ، وإذا لم يعالج يُشفى بعد ثلاثة أشهر أو يموت صاحبه بعد أسبوع .
فالتقدير يختلف باختلاف أحوال المرضى وباختلاف معالجتهم ، وقد يكتبون تقديرهم ويعينون فيه أجل الشفاء وأجل الموت، وهذا مثال تفهم منه تقدير الله تعالى وكتابته للآجال مع التفرقة البديهية بين تقديره وكتابته وتقدير عبيده الأطباء وكتابتهم .
فهم لعدم إحاطة علمهم وعدم عموم قدرتهم يبنون على الظن ويخطئون في التقدير والكتابة ، والله تعالى بكل شيء محيط علمًا وقدرة فلا يخطئ البتة، فتقديره – أي جعله كل شيء بمقدر يليق به – لا يختل نظامه ، ولا يمكن أن يكون التداوي خارجًا من تقديره ولا أن يكون المتداوي وغير المتداوي في علمه سواء ، فإن علمه مطابق للواقع ، وهو الذي خلق الدواء لإزالة المرض وجعل لكل شيء قَدْرًا .