قوارير الخمر ليست محرمة لذاتها ، فبمجرد غسلها يجوز  استعمالها ، وتصبح طاهرة ، وعلى هذا يجوز بيعها للاستعمالات المباحة من نحو الأكل والشرب ، بشرط التأكد من خلوها للدعاية إلى الخمور.

وقد أورد صاحب المنتقى في منتقاه هذه الأحاديث تحت باب ما جاء في كسر أواني الخمر :

عن أنس عن أبي طلحة أنه قال : { يا رسول الله , إني اشتريت خمرا لأيتام في حجري , فقال : أهرق الخمر واكسر الدنان } رواه الترمذي والدارقطني .

وعن { ابن عمر قال : أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن آتيه بمدية وهي الشفرة , فأتيته بها , فأرسل بها فأرهفت , ثم أعطانيها وقال : اغد علي بها , ففعلت , فخرج بأصحابه إلى أسواق المدينة وفيها زقاق الخمر قد جلبت من الشام , فأخذ المدية مني فشق ما كان من تلك الزقاق بحضرته ثم أعطانيها , وأمر الذين كانوا معه أن يمضوا معي ويعاونوني , وأمرني أن آتي الأسواق كلها فلا أجد فيها زق خمر إلا شققته , ففعلت , فلم أترك في أسواقها زقا إلا شققته } .

وعن عبد الله بن أبي الهذيل قال : { كان عبد الله يحلف بالله إن التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حرمت الخمر أن تكسر دنانه وأن تكفأ لمن التمر والزبيب } رواه الدارقطني )

ثم قال الشوكاني :

أحاديث الباب تدل على جواز إهراق الخمر وكسر دنانها وشق زقاقها وإن كان مالكها غير مكلف وقد ترجم البخاري في صحيحه لهذا فقال : باب هل تكسر الدنان التي فيها خمر أو تخرق الزقاق ؟ قال في الفتح : لم يثبت الحكم ; لأن المعتمد  فيه التفصيل , فإن كان الأوعية بحيث يراق ما فيها فإذا غسلت طهرت وانتفع بها لم يجز إتلافها وإلا جاز , ثم ذكر أنه أشار البخاري بالترجمة إلى حديث أبي طلحة وابن عمر وقال : إن الحديثين إن ثبتا فإنما أمر بكسر الدنان وشق الزقاق عقوبة لأصحابها , وإلا فالانتفاع بها بعد تطهيرها ممكن كما دل عليه حديث سلمة المذكور في البخاري وغيره في غسل القدور التي طبخت فيها الخمر وإذنه صلى الله عليه وسلم بذلك بعد أمره بكسرها.

قال ابن الجوزي : أراد التغليظ عليهم في طبخهم ما نهي عن أكله , فلما رأى إذعانهم اقتصر على غسل الأواني وفيه رد على من زعم أن دنان الخمر لا سبيل إلى تطهيرها لما بداخلها من الخمر , فإن الذي دخل القدور من الماء الذي طبخت به الخمر نظيره وقد أذن صلى الله عليه وسلم في غسلها , فدل على إمكان تطهيرها.