اتفق جمهور أهل العلم على تحريم البيع والشراء وقت النداء وأن هذا التحريم خاص بالمخاطبين بفرض الجمعة ، وأما من لا جمعة عليهم ( النساء والصبيان والمرضى والمسافرين) فلا حرج عليهم إذا باعوا أو اشتروا مع أمثالهم ممن لا يخاطب بالجمعة، ويبدأ التحريم من بداية الأذان الثاني إلى الانتهاء من الصلاة.

ولا يجوز لمن لا جمعة عليه أن يبيع لمن عليه جمعة ؛ لأن في ذلك إعانة له على المعصية.

البيع وقت صلاة الجمعة؟

يقول الدكتور حسام عفانه – أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس-:
يقول الله سبحانه وتعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) سورة الجمعة الآية 9.
وصلاة الجمعة فرض على كل مسلم بإجماع الأمة والأئمة إلا من استثني وقد أمر الله بالسعي إلى ذكر الله وأمر بترك البيع لما فيه من إشغال عن الصلاة.

قال الإمام القرطبي:[قوله تعالى:”وَذَرُوا الْبَيْعَ{ منع الله عز وجل منه عند صلاة الجمعة وحرَّمه في وقتها على من كان مخاطباً بفرضها. والبيع لا يخلو من شراء فاكتفى بذكر أحدهما … وخص البيع لأنه أكثر ما يشتغل به أصحاب الأسواق] تفسير القرطبي 18/107.

والأمر بالسعي في الآية يفيد الوجوب والأمر بترك البيع بمعنى النهي يفيد التحريم، وقد قال جمهور أهل العلم : إن المقصود بقوله تعالى:”إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ{،الأذان الذي يكون بين يدي الإمام والذي يبدأ الإمام عقبه بالخطبة لأنه الأذان الذي كان موجوداً على عهد الرسول كما ثبت في الحديث عن السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلمّا كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء. قال الإمام البخاري : والزوراء موضع بالسوق من المدينة) رواه البخاري.

هل يجوز لأحد البيع والشراء أثناء صلاة الجمعة؟

اتفق جمهور أهل العلم على تحريم البيع والشراء وقت النداء وأن هذا التحريم خاص بالمخاطبين بفرض الجمعة ، وأما من لا جمعة عليهم فلا حرج عليهم إذا باعوا وشروا مع أمثالهم ممن لا يخاطب بالجمعة ،وهؤلاء غير المخاطبين بالجمعة هم:

  1. الصبي وهو من كان دون البلوغ.
  2. المرأة فليس على النساء جمعة.
  3. المسافر فلا جمعة على المسافر.
  4. المريض فلا جمعة على المريض العاجز عن إجابة النداء.

قال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[وتحريم البيع ووجوب السعي يختص بالمخاطبين بالجمعة فأما غيرهم من النساء والصبيان والمسافرين فلا يثبت في حقه ذلك … فإن الله تعالى إنما نهى عن البيع من أمره بالسعي فغير المخاطب بالسعي لا يتناوله النهي؛ ولأن تحريم البيع معلل بما يحصل به من الاشتغال عن الجمعة وهذا معدوم في حقهم] المغني 2/220.

فالمرأة إن باعت لصبي أو لامرأة مثلها أو لمسافر أو لمريض ومن في حكمهم فلا حرج في ذلك إن شاء الله، وأما إن باعت لمن وجبت عليه الجمعة- وهو تارك لها- فإنها قد أعانت على المعصية والإثم، فذاك تارك الجمعة لا شك أنه آثم لتركه الجمعة فإعانته على المعصية حرام ،والله سبحانه وتعالى يقول:”وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ{ ومن المعلوم أن ترك الجمعة لغير عذر ذنب عظيم فقد ثبت في الحديث الشريف أن الرسول قال: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين) رواه مسلم.

حكم البيع والشراء أثناء صلاة الجمعة؟

يجب أن يعلم أن الأمر بترك البيع وقت النداء لصلاة الجمعة ليس خاصاً بالبيع وإنما النهي يشمل البيع والشراء والإجارة والنكاح وباقي العقود لأن الحكمة في ذلك أن البيع يشغل عن تلبية النداء فكذا بقية العقود ويلحق بذلك الألعاب المختلفة فتحرم إقامة المباريات الرياضية أو الثقافية وقت النداء لصلاة الجمعة.

روى الإمام البخاري عن عطاء أحد أئمة التابعين أنه قال:[ تحرم الصناعات كلها -أي وقت النداء للجمعة – ].

وذكر الحافظ ابن حجر رواية أخرى عن عطاء بلفظ آخر:[إذا نودي بالأذان حرم اللهو والبيع والصناعات كلها والرقاد وأن يأتي الرجل أهله وأن يكتب كتاباً].

وقال الحافظ :[وبهذا قال الجمهور أيضاً] فتح الباري 3/41.ويستمر تحريم هذه العقود حتى انقضاء صلاة الجمعة، قال ابن عباس رضي الله عنهما:[لا يصلح البيع يوم الجمعة حين ينادي للصلاة فإذا قضيت الصلاة فبع واشتر] ذكره الحافظ في فتح الباري 3/41.