إذا تم الإقرار بالنسب فلا يجوز نفيه، فإذا الرجل اعترف، وأقر ببنوة إنسان ما، فلا يجوز له شرعًا في حياته أن ينفيه، ومن باب أولى لا يجوز لأحد الورثة، سواء كان ابنًا للمتوفى ـ أي أخًا للمقر بنسبه ـ  أم غيره من بقية الورثة والأقارب؛ لأن الإسلام يحتاط في إثبات النسب لمصلحة الإنسان؛ فضياع النسب من أكبر ما يصيب الفرد طوال حياته، سواء كان ذكرًا أم أنثى؛ ولهذا فإن النسب يَثبت بكل أدلة الإثبات حتى بالقرائن.

أما الحدود –أي العقوبات المقدرة شرعاً لبعض الجرائم التي تؤثر تأثيرًا شديدًا في أمن المجتمع واستقامته- فهي عقوبات لا يجوز تغيرها ولا يجوز الزيادة عليها، ويحتاط فيها ما لا يحتاط في غيرها؛ لأنها عقوبات شديدة جدًا؛ ولهذا كان من خصائصها أنها تسقط بالشبهات.

بمعنى: أن القاضي إذا شك أو لم يستقر في وجدانه أن المتهم قد ارتكب هذه الجريمة فعلاً كالزنا أو السرقة، أو قطع الطريق أو شرب الخمر، فلا يجوز له أن يحكم بالعقوبة المقدرة شرعًا للجريمة، وهي ما تسمى بالحد.

ويستدل العلماء على هذا بحديث نُسب إلى رسول الله: “ادرءوا الحدود بالشبهات”، لكن الواقع –كما حقق بعض العلماء- أن هذه قاعدة شرعية، يكاد يجمع من العلماء عليها، لكنها ليست حديثا مرفوعًا إلى رسول الله، وإنما هي حديث موقوف على بعض الصحابة .