الاستغفار عبادة وقربة من أفضل القربات ، فبه يكفر الله الذنوب ، ويرفع الدرجات سواء استغفر الفرد لنفسه أم استغفر لغيره من المؤمنين والمؤمنات، ولذلك علمنا الله -تعالى- أن ندعو لأنفسنا وأن ندعو لغيرنا من المؤمنين والمؤمنات في مواضع مختلفة من كتاب الله عز وجل، ولكن حقوق العباد لا يكفي للبراءة منها مجرد الاستغفار بل لا بد من رد المظالم لأصحابها أو طلب العفو والصفح منهم..
يقول فضيلة الدكتور أحمد طه ريان :
الاستغفار معناه: هو طلب المغفرة من رب العالمين على ما اقترفه العبد من الآثام، في حق ربه عز وجل سواء كان ذلك من جهة التقصير في القيام بواجب العبودية لله تعالى، أو من جهة تعدي حدوده تعالى، من انتهاك لحرماته أو اعتداء على حقوق عباده.
وقد يكون الاستغفار لشكر المولى جل علاه على نعمه العظيمة وعطاياه الجليلة مع الشعور بعدم القدرة على مجاراة هذه النعم بأنواع الطاعات وفضائل العبادات؛ ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال سمعت رسول الله ـ ﷺ ـ يقول: “والله إني لاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة” بل جاء في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: “كنا نعد لرسول الله ـ ﷺ ـ في الملجس الواحد مائة: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم” .قال الترمذي: حديث صحيح.
إلى جانب أثر الاستغفار في توسعة الرزق وإنزال الغيث وكثرة النسل، قال تعالى على لسان نوح ـ عليه السلام: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) وقال ـ عليه الصلاة والسلام: “من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب” ويستثنى من ذلك حقوق العباد فإنه لا بد من استسماحهم عنها.
وكما أن الاستغفار يفيد المستغفر نفسه، كذلك يفيد كل من استُغفر له، من الوالدين والأقربين وغيرهم، من عامة المسلمين بحسب نية المستغفر وهبته الاستغفار لمن جعله له؛ لذلك طلب المولى جل علاه من الملائكة الإكثار من الاستغفار للمؤمنين، وقد استجابت الملائكة لذلك؛ فقال جل شأنه في سورة غافر حاكيا عمل الملائكة في ذلك “الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ* رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ”.