الاجتماع على الذكر من الأمور المختلف فيها بين العلماء قديما وحديثا.
-فهناك اتجاه من قديم يرى أن مثل ذلك من البدع، وأول من عرف بهذا الاتجاه سيدنا عبد الله بن مسعود.
-وهناك اتجاه آخر يرى أن الاجتماع على الذكر حسن مطلوب، وعمدته في ذلك الأحاديث الصحيحة التي تمدح المجتمعين على ذكر الله، فهي تدل دلالة صريحة على الاستحباب فضلا عن الجواز.
وقد رجح الدكتور عبد الله بن بيه أن الاجتماع على الذكر في مثل هذه البلاد التي يفشو فيها الاجتماع على الباطل أمر حسن، وينبغي أن لا ينكر عليهم أحد.
الاجتماع للقراءة والذكر
يقول فضيلة الدكتورعبد الله بن بيه – عضو المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في ذلك:
هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها العلماء، فبعضهم يرى أن الاجتماع للقراءة والذكر يراه، وبعضهم يراه أمراً مستحسناً، وكل يعتمد على بعض الأدلة.
-فهناك من يعتمد على قول ابن مسعود –رضي الله عنه-:”لقد أتيتم بدعة ظلماً، أو لقد فقتم أصحاب محمد علماً”.
-ومنهم من يعتمد على ظاهر الحديث الصحيح الذي رواه ابن عباس –رضي الله عنهما-:”وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده” مسلم (2699). وهو بظاهره يدل على جواز الاجتماع للقراءة وللتذاكر.
وجاء عن الأوزاعي أنه سُئل عن الدراسة بعد الصبح والاجتماع بعد الصبح، وقال: إن ذلك لا بأس به، وقال: أخبرني حسان بن عطية أن أول من أحدثها هشام بن إسماعيل المخزومي في خلافة عبد الملك بن مروان فأخذ الناس بذلك.
فالمسألة فيها خلاف بين العلماء، فبعضهم أنكر ذلك على هشام كمالك رحمه الله تعالى، وبعضهم قال: إن ذلك لا بأس به، وقد ذكر حرب أنه رأى أهل دمشق وأهل حمص وأهل البصرة يجتمعون على القراءة بعد صلاة الصبح، ولكن أهل الشام يقرأون القرآن كلهم جملة من سورة واحدة بأصوات عالية، وأهل البصرة وأهل مكة يجتمعون ويقرأ أحدهم عشر آيات والناس ينصتون، ثم يقرأ آخر عشر آيات حتى ينفضوا، قال حرب: وكل ذلك حسن جميل، يراجع بذلك ابن رجب الحنبلي (جامع العلوم والحكم).
الإجتماع على الصلاة وقراءة القرآن
يقول فضيلة الدكتورعبد الله بن بيه – في سؤال له عن عادة في سيرلانكا تتبع في ليالي أيام الخميس ليلة الجمعة ما بين صلاتي المغرب والعشاء، حيث يقوم كثير من الناس بالصلاة وقراءة القرآن، ويجعلون ذلك حدثاً مهما ويواظبون عليه هل يجوز ذلك فقال:
المسألة فيها خلاف بين العلماء، وبالنسبة وأنا أميل إلى القول بأن هذا حسن، فقد زرت تلك البلاد ووجدت فيها عبدة أصنام فلا تتجاوز مكاناً إلا وفيه صنم منصوب ونصب منصوب يعمد الناس إليه، فأن يجتمع المسلمون في وقت من الأوقات ويتذاكرون ويقرأون كتاب الله أو ليذكروا الله سبحانه وتعالى بدون أن يكون هناك أمر محرم من اختلاط أو رقص وسائر المفاسد فهذا حسن، وينبغي ألا يضيق عليهم.