تناول العلماء هذه النازلة بالدراسة ، وجنحوا إلى مذهب الجمهور، وهو انعقاد الاعتكاف باللبث في المسجد مدة زمنية مهما قصرت مع نية الاعتكاف.
ففي ظل المشاعر الإيمانية ، والتجليات الإلهية ، والأشواق الروحية لجموع المسلمين في الشهر الكريم… ينبغي استغلال هذه الأوقات المباركة في ذكر الله وقراءة القرآن وتدبر معانيه وتخلية القلب من شواغل الحياة ليستقبل بركات رمضان، وقد فرض الله علينا صيام نهاره ، وسن لنا المصطفى ﷺ قيام ليله والاعتكاف في المساجد وبخاصة في العشر الأخير منه، وقد أجمع أهل العلم- كما قال ابن المنذر – على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذراً (يراجع المغنى لابن قدامة) وبناء على هذا الإجماع حكم الشافعية والمالكية أن الاعتكاف سنة مؤكدة في العشر الأخير من رمضان وغيره، وهو في العشر الأخير منه آكد ، وعند الحنفية سنة كفاية مؤكدة في العشر الأخير من رمضان ومستحب في غيرها، وعند الحنابلة سنة مؤكدة في رمضان فقط .
ومن القواعد العامة في التشريع الإسلامي أن الواجبات مقدمة على السنن والمندوبات ومن الواجبات الحفاظ على صحة الإنسان واتخاذ الأسباب البشرية للوقاية من الأمراض مع الاعتقاد بأن الأسباب لا تؤثر إلا بإرادة الله جل وعلا… ولذلك شرع الإسلام عند ظهور العدوى وانتشار الوباء محاصرته في أضيق نطاق، والتداوى بما هو متاح لدى البشر، وابتعاد المريض عن غيره حتى لا يتسبب في الضرر فلا ضرر ولا ضرار في الإسلام.
ومعلوم أن التجمع للمبيت في أماكن ضيقة يعرض الجميع للخطر، لذلك نميل إلى الأخذ برأى جمهور العلماء فى انعقاد الاعتكاف بالنية والمكث فى المسجد ولو للحظة.