قال الله تعالى في كتابه العزيز: (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) (الأعراف: 54)
الذي لا شك فيه أن هذه الأيام الستة ليست من أيامنا هذه التي يقدر ليل اليوم ونهاره منها بأربع وعشرين ساعة من ساعاتنا المعروفة . فإن هذه الأيام إنما وجدت بعد خلق الأرض والشمس، وحدوث الليل والنهار . فكيف يكون أصل خلق الأرض في أيام منها ؟.
وقد جاء في سورة فصلت بيان وتفصيل لما خلق الله في هذه الأيام الستة فقال سبحانه: (قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين .وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين .) .
فلعل هذه الأيام عبارة عن ستة أزمنة، وآماد لا يعلم مداها إلا الله يتحدد كل يوم منها بما تم فيه من عمل، أوست دورات فلكية لا نعلمها، غير أيامنا المرتبطة بالدورة الشمسية، أو ستة أطوار مرت على هذه المخلوقات . كل ذلك محتمل، واللغة تساعد عليه، والدين لا يمنع منه .
فاليوم في لغة العرب هو الزمن الذي يمتاز بما تحصل فيه من غيره، فأيامنا هذه تتميز بما يحددها من طلوع الشمس ومغربها، وأيام العرب بما كان يقع فيها من الحروب والقتال، وقد قال تعالى :(وإن يومًا عند ربك كألف سنة مما تعدون) (الحج: 47) وقد قال تعالى في وصف يوم القيامة (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة). (المعارج: 4).
ولماذا خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام، وكان قادرًا على أن يخلقها في لحظة واحدة، فإن أمره بين الكاف والنون، كما قال تعالى: (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن، فيكون). (النحل: 40).
ولعل الحكمة في ذلك – والله أعلم – أن يتخذ عباده من هذا الخلق درسًا في الأناة وترك العجلة وحسن التأتي للأمور، ولهذا قيل: الأناة من الرحمن، والعجلة من الشيطان .