1- ينبغي تعميم الأصناف المستحقين إذا كثر المال، ووجدت الأصناف وتساوت حاجاتهم أو تقاربت. ولا يجوز حرمان صنف منهم مع قيام سبب استحقاقه ووجود حاجته. وهذا يتعين في حق الإمام أو السلطة الشرعية التي تجمع الزكوات وتفرقها على المستحقين.

2- عند تعميم الأصناف الموجودين بالفعل من الثمانية، ليس بواجب أن نسوي بين كل صنف وآخر قي قدر ما يصرف له، وإنما يكون ذلك حسب العدد والحاجة. فقد يوجد في إقليم ألف فقير، ولا يوجد من الغارمين أو ابن السبيل إلا عشرة. فكيف يعطى عشرة ما يعطاه ألف؟! لهذا نرى الأوفق هنا ما ذهب إليه مالك، ومن قبله ابن شهاب من إيثار الصنف الذي فيه العدد والحاجة بالنصيب الأكبر (قال الدردير في شرحه الصغير: يُندب إيثار المحتاج على غيره بأن يُخص بالإعطاء، أو يزاد له فيه على غيره، على حسب ما يقتضيه الحال: إذ المقصود سد الحاجة (1/234). خلافًا لمذهب الشافعي.

3- يجوز صرف الزكاة كلها لبعض الأصناف خاصة، لتحقيق مصلحة معتبرة شرعًا تقتضي التخصيص. كما أنه عند إعطاء صنف من الأصناف الثمانية لا يلزم التسوية بين جميع أفراده في قدر ما يُعطونه بل يجوز المفاضلة بينهم حسب حاجاتهم. فإن الحاجات تختلف من فرد إلى آخر.المهم أن يكون التفضيل -إن وجد – لسبب ومصلحة لا لهوى وشهوة، ودون إجحاف بالآخرين من الأصناف أو الأفراد (من أجود ما قرأت في ذلك ما في شرح الأزهار (1/518) قال: “ولا يجوز للإمام ذلك التفضيل إذا كان غير مجحف بالأصناف الباقية، فأما إذا كان مجحفًا لم يجز؛ لأن ذلك حيف وميل عن الحق. معنى الإجحاف هنا: أن يعطي أحد الغارمين ما يقضي دينه والآخر دون ما يفي بدينه، أو يعطي أحد ابني السبيل ما يبلغه وطنه والآخر دون ذلك. أو يعطي فقير ما يكفيه وعوله (عياله) والآخر دون ما يكفيه وعوله، من غير سبب مقتض لذلك كأن يكون المفضل مؤلفًا أو نحو ذلك. ويجوز للإمام أن يفضل بعض الأشخاص فيعطيه أكثر مما أعطى غيره لتعدد السبب فيه، الموجب لاستحقاق الزكاة، وذلك نحو أن يكون هذا الشخص فقيرًا مجاهدًا عاملاً غارمًا، فإنه يعطى أكثر من غيره لاجتماع هذه الوجوه فيه”). أهـ

4- ينبغي أن يكون الفقراء والمساكين هم أول الأصناف الذين تصرف لهم الزكاة، فإن كفايتهم وإغناءهم هو الهدف الأول للزكاة، حتى إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يذكر في حديث معاذ وغيره إلا هذا المصرف: (تؤخذ من أغنيائهم، فتُرَد على فقرائهم) وذلك لما لهذا المصرف من أهمية خاصة.

5- ينبغي الأخذ بمذهب الشافعي في تعيين الحد الأقصى الذي يصرف للعاملين على الزكاة جباية وتوزيعًا. وقد حدده بمقدار “الثمن” من حصيلة الزكاة، فلا يجوز الزيادة عليه، فإن مما يعاب على أكثر الضرائب الوضيعة أن مقدارًا كبيرًا مما يجبى منها ينفق على الإدارات والأجهزة المكلفة بالجباية، فلا تصل المبالغ المحصلة من الممولين إلى الخزانة إلا بعد أن تكون قد نقصت نقصًا ملحوظًا بسبب الإسراف في نفقات الجباية والتحصيل، وما تستلزمه فخامة المناصب، وأناقة المكاتب، والعناية بالمظاهر، والميل إلى التعقيد، من تكاليف جمة وأموال طائلة. وهذا في الحقيقة إنما يؤخذ من الجهات المستحقة التي تُصرف فيها حصيلة ما جبي من المال. وإلا، زيد بقدره على المكلفين المرهقين.

6- عندما يكون مال الزكاة قليلاً، كمال فرد واحد ليس بذي ثروة كبيرة. فهنا يُعطى لصنف واحد، كما قال النخعي وأبو ثور، بل لفرد واحد كما قال أبو حنيفة؛ فإن تفريق هذا القليل على عدة أصناف أو عدة أفراد من صنف واحد، يضيع الفائدة المرجوة من الزكاة. وقد مر بنا في مصرف “الفقراء والمساكين” ترجيح مذهب الشافعي في الإغناء بالزكاة فهو أولى من إعطاء عدد من الأفراد دريهمات لكل منهم، لا تشفي ولا تكفي.
وهذا ما لم يكن العدد الموجود في حاجة شديدة إلى إسعاف بأي شيء ولو قليلاً. فالتفريق أفضل وأولى عندئذ.