أصبح المحاسب عمودا مهما لا تستغني عنه شركة صغرت أم كبرت ، فهو ينظم لها دفاترها، ويتعامل نيابة عن الشركة مع الضرائب والجمارك والبنوك وشركات التأمين وغيرها.
وهذا التعقيد في دور المحاسب أوجب على المحاسب الرجوع لحزمة من الفتاوى والأحكام لا يكاد يستغني عنها.
فما حكم تقديمه أوراقا مزورة لدى الضرائب؟
وما حكم تقديمه ميزانية شركته للبنوك للحصول على التسهيلات الائتمانية المصرفية؟
وما حكم عمله في البنوك وفي شركات التأمين ومصلحة الضرائب؟
وما هي دروب الربا المتعددة التي يمكن أن تتسل إلى عمله دون أن يشعر ؟
وما الحكم إذا خيرته الشركة بين القيام بعمل محرم وبين الاستقالة؟
وهل يجوز له تسجيل الإيرادات الناتجة عن أنشطة محرمة، كالخمور ونحوها؟
مسكين حقا هو المحاسب، يستفيق بعد التخرج على واقع أليم، فهو إما أنه لا يجد عملا أصلا ، وإما أن يجد عملا لا يكاد ينفك عن التعاملات الربوية والتأمينية التي حرمتها الشريعة الإسلامية.
ولكن ليعلم المحاسب أن هذا ابتلاء قدره الله له ليختبر إيمانه، ويبتلي ما في قلبه، يقول الله تعالى : ” وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ [محمد/31] فمن الناس من يبتلى في وظيفته، ومن الناس من يبتلى في صحته ، ومن الناس من يبتلى في أبويه وأولاده، ومن الناس من يبتلى بالنعمة والمال ، يقول الله تعالى : ” وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ” [الأنبياء/35].
وليس معنى هذا أن سبل الحلال مغلقة في وجه المحاسب. لا فما يغلق باب الحلال أبدا إلى يوم القيامة، ولكن الأمر يحتاج إلى بحث وتحر حتى يحصل المحاسب على الطعام الطيب وهناك الكثير من المجالات المباحة، لكن على المحاسب أن يتحرى الحرام في عمله.