روى الترمذي عن سَلْمانَ قالَ: “سُئِلَ رَسُولُ الله ﷺ عن السّمْنِ والْجُبن والفِرَاءِ، فقالَ: الْحَلاَلُ ما أحَلّ الله في كِتَابِهِ. والْحَرَامُ ما حَرّمَ الله في كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمّا عفى عنهُ”.
وقد كان أول مبدأ قرره الشرع الحنيف : أن الأصل فيما خلق الله من أشياء ومنافع، هو الحل والإباحة، ولا حرام إلا ما ورد فيه نصٌّ صحيح صريح من الشارع بتحريمه.
وقد استدل علماء الإسلام على أن الأصل في الأشياء والمنافع الإباحة، بآيات قرآنية واضحة من مثل قوله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) سورة البقرة ، (وسخر لكم ما في السموات والأرض جميعا منه) سورة الجاثية ، (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) سورة لقمان .
قال الشوكاني في كتابه نيل الأوطار : المراد من هذه العبارة وأمثالها مما يدل على حصر التحليل والتحريم على الكتاب العزيز هو باعتبار اشتماله على جميع الأحكام ، ولو بطريق العموم أو الإشارة أو باعتبار الأغلب لحديث: إني أوتيت القرآن ومثله معه. وهو حديث صحيح . أهـ
تُعد قاعدة ( الأصل في الأشياء الإباحة ) من القواعد الكبرى الشهيرة في الفقه الإسلامي ، ومما يتفرع على هذه القاعدة : أن الأصل في التصرفات الإباحة إلَّا ما دل الدليل على تحريمه ، ومن مستثنيات ذلك ما دلت عليه قاعدة : ( الأصل في الأبضاع التحريم ) وقاعدة : ( الأصل في العبادات المنع ) وقاعدة : ( الأصل في الذبائح التحريم ) وقاعدة : ( لا يصح التصرف في ملك الغير إلا بإذنه ) . وعليه فالعقود الجديدة وغيرها من ألوان العقود الحادثة مباحة إذا خلت من محظور كالجهالة والغرر والربا والتدليس والغش ، وغير ذلك مما حرمه الشارع . أهـ
ومن هنا ضاقت دائرة المحرمات في شريعة الإسلام ضيقاً شديداً، واتسعت دائرة الحلال اتساعاً بالغاً.