حرص الإسلام على أن يكون المرء دائم الذكر لله تعالى،فمع أن الصلاة ذكر ودعاء،فقد سن النبي عقب الصلاة أذكارًا وأدعية ،ليكون العبد موصولاً بالله تعالى .

أخرج أحمد في المسند والترمذي وابن ماجه في السنن وغيرهم عن أبى الدَّرْداء رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -- “أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعمَالِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى”. 

وقال تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون}. وللعلماء في هذه الآية أقوال، نذكر منها قولين: 

الأول: قال ابن كثير: أن الصلاة تشتمل على شيئين: على ترك الفواحش والمنكرات، أي: إن مواظبتها تحمل على ترك ذلك.. وتشتمل الصلاة أيضا على ذكر الله تعالى، وهو المطلوب الأكبر؛ وذكر ابن القيم نفس المعنى عن شيخهم ابن تيمية.

الثاني: ولذكر الله تعالى أفضل من كل شيء سواه، قال ابن القيم: وقال ابن زيد وقتادة: معناه: ولذكر الله أكبر من كل شيء. وقيل لسلمان: أي الأعمال أفضل؟ فقال للسائل: أما تقرأ القرآن {ولذكر الله أكبر}.

الأذكار الواردة بعد الصلاة:

يقول الشيخ سيد سابق (من علماء الأزهر الشريف رحمه الله تعالى):

ورد عن النبي جملة أذكار وأدعية بعد السلام يسن للمصلي أن يأتي بها ونحن نذكرها فيما يلي:
1- عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثًا وقال: “اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام” رواه الجماعة إلا البخاري. وزاد مسلم: قال الوليد : فقلت للأوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال: يقول: استغفر الله ، استغفر الله ، استغفر الله .

2- وعن معاذ بن جبل: أن النبي أخذ بيده يومًا ثم قال: “يا معاذ إني لأحبك” فقال له معاذ: “بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، وأنا أحبك” . قال: أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك” رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة والحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين.

وعن أبي هريرة عن النبي قال: “أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء؟ قولوا: اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك” رواه أحمد بسند جيد.

3- وعن عبد الله بن الزبير قال: كان رسول الله إذا سلم في دبر الصلاة يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، هو على كل شيء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، ولا نعبد إلا إياه ، أهل النعمة والفضل والثناء والحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون” رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.

4-وعن المغيرة بن شعبة أن رسول الله كان يقول دبر كل صلاة مكتوبة: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد”(أي لا ينفع ذا الغنى منك غناه وإنما ينفعه الإيمان) رواه أحمد والبخاري ومسلم.

5- وعن عقبة بن عامر قال: أمرني رسول الله أن أقرأ بالمعوذتين دبر كل صلاة. ولفظ أحمد وأبي داود بالمعوذات.. رواه أحمد والبخاري ومسلم.

6- وعن أبي أمامة أن النبي قال: “من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت” رواه النسائي والطبراني.

7- وعن علي رضي الله عنه أن النبي قال: “من قرأ آية الكرسي في دبر الصلاة المكتوبة كان في ذمة الله إلى الصلاة الأخرى” رواه الطبراني بإسناد حسن.

8- وعن أبي هريرة أن النبي قال: “من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين ، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين. تلك تسع وتسعون، ثم قال تمام المائة :لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر” رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود.

9- وعن كعب بن عجرة عن رسول الله قال: “معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة ثلاثًا وثلاثين تسبيحة، وثلاثًا وثلاثين تحميدة وأربعًا وثلاثين تكبيرة” رواه مسلم.

10- وعن شمي عن أبي صالح عن أبي هريرة: أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلا والنعيم المقيم قال: وما ذاك ؟ قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله : “أفلا أعلمكم شيئًا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم، إلا من صنع مثل ما صنعتم” قالوا: بلى يا رسول الله قال: “تسبحون الله وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة” فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله. فقال رسول الله “ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء” قال سمي: فحدثت بعض أهلي بهذا الحديث فقال: وهمت إنما قال لك تسبح ثلاثًا وثلاثين، وتحمد ثلاثًا وثلاثين وتكبر أربعًا وثلاثين، فرجعت إلى أبي صالح فقلت له ذلك، فأخذ بيدي فقال: الله أكبر وسبحانه الله والحمد الله ، والله أكبر وسبحانه الله والحمد الله ، حتى يبلغ من جميعهن ثلاثًا وثلاثين. متفق عليه.
11- وصح أيضا أن يسبح خمسًا وعشرين ويحمد مثلها ويكبر مثلها ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مثلها.
12- وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله : “خصلتان من حافظ عليهما أدخلتاه الجنة وهما يسير ومن يعمل بهما قليل. وما هما يا رسول الله ؟ قال: أن تحمد الله وتكبره وتسبحه في دبر كل صلاة مكتوبة عشرًا وإذا أتيت إلى مضجعك ، تسبح الله وتكبره وتحمده مائة. فتلك خمسون ومائتان باللسان، وألفان وخمسمائة في الميزان. فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة، قالوا: كيف من يعمل بها قليل؟ قال: يجيء أحدكم الشيطان في صلاته فيذكره حاجة كذا وكذا فلا يقولها، ويأتيه عند منامه فينومه فلا يقولها” قال: ورأيت رسول الله يعقدهن بيده رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.
13- وعن علي وقد جاء هو وفاطمة – رضي الله عنهما يطلبان خادمًا يخفف عنهما بعض العمل، فأبى النبي عليهما، ثم قال لهما: “ألا أخبركما بخير مما سألتماني” قالا : بلي فقال: كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام: تسبحان في دبر كل صلاة عشرًا، وتحمدان عشرًا، وتكبران عشرًا، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين. وكبرا أربعًا وثلاثين” وقال: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله .
14- وعن عبد الرحمن بن غنم أن النبي قال: “من قال قبل أن ينصرف ويثني رجله من صلاة المغرب والصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، عشر مرات كتب له بكل واحدة عشر حسنات ومحيت عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكانت حرزًا من كل مكروه، وحرزًا من الشيطان الرجيم ،ولم يحل لذنب يدركه إلا الشرك فكان من أفضل الناس عملاً إلا رجلاً يفضله يقول أفضل مما قال” رواه أحمد وروى الترمذي نحوه بدون ذكر بيده الخير.
15- وعن مسلم بن الحارث عن أبيه قال: قال لي النبي : إذا صليت الصبح فقل قبل أن تكلم أحدًا من الناس: “اللهم أجرني من النار، سبع مرات، فإنك إن مت من يومك كتب الله عز وجل لك جوارًا من النار، وإذا صليت المغرب فقل قبل أن تكلم أحدًا من الناس: اللهم إني أسألك الجنة، اللهم أجرني من النار، سبع مرات، فإنك إن مت ليلتك كتب الله عز وجل لك جوارًا من النار” رواه أحمد وأبو داود.

16- وروى أبو حاتم أن النبي كان يقول عند انصرافه من صلاته: “اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح دنياي التي جعلت فيها معاشي، اللهم إني أعود برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من نقمتك، وأعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد، منك الجد”.

17- وروى البخاري والترمذي: أن سعد بن أبي وقاص كان يعلم بنيه هؤلاء الكلمات، كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة، ويقول: إن رسول الله كان يتعوذ بهن دبر الصلاة: “اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر”.

18- وروى أبو داود والحاكم: أن النبي كان يقول دبر كل صلاة: “اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت”.

19- وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي بسند فيه داود الطفاوي وهو ضعيف، عن زيد بن أرقم: أن النبي كان يقول دبر صلاته: “اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أنك الرب وحدك لا شريك لك. اللهم ربنا ورب كل شيء ، أنا شهيد أن محمدًا عبدك ورسولك ، اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة. اللهم ربنا ورب كل شيء اجعلني مخلصًا لك وأهلي في كل ساعة من الدنيا والآخرة، يا ذا الجلال والإكرام، اسمع واستجب، الله الأكبر الأكبر نور السموات والأرض الله الأكبر الأكبر حسبي الله ونعم الله الوكيل الله الأكبر الأكبر”.

20- وروى أحمد وابن أبي شيبه وابن ماجه بسند فيه مجهول. عن أم سلمة أن النبي كان يقول إذا صلى الصبح حين سلم: “اللهم إني أسألك علما نافعًا ورزقًا واسعًا. وعملاً متقبلا”.