جاء في حديث مسلم وغيره عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا ” إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم ، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم ” والمراد بالأقرأ الأكثر حفظًا للقرآن ، لما جاء في حديث عمرو بن سلمة ” ليؤمكم أكثركم قرآنًا ” وفي رواية أخرى لمسلم وغيره عن ابن مسعود مرفوعًا ” يؤم القومَ أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسُّنَّة ، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هِجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ، ولا يؤمَّن الرجلُ الرجلَ في سلطانه ، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه ” وفي رواية ” لا يؤمَّن الرجلُ الرجلَ في أهله ولا سلطانه ” فالسلطان وصاحب البيت أولى بالإمامة إلا إذا أذِن لغيره بها ، ففي رواية أبي داود ” لا يحلُّ لرجل يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر أن يؤم قومًا إلا بإذنهم ” وهو عام فيما إذا وجد مثله أو أفضل منه ، وما إذا لم يُوجد .

وترتيب من لهم الأولوية فيه خلاف للفقهاء، لكن من المُتفق عليه أن المتفقه في دينه ، العالم بأحكام الصلاة بالذات وحسن السيرة والمرضي عنه من قومه ـ ويجمع ذلك قراءة القرآن والعمل به ـ هو أولى من غيره ممن ليس له هذه المواصفات ، ولو تقدم هذا صحت الصلاة خلفه وإن كان ثوابها أقل ، روى ابن ماجه وابن حبان في صحيحه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال ” ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رءوسهم شبرًا ، رجل أمَّ قومًا وهم له كارهون ، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط ، وأخوان متصارمان .

إن الذي ينافس غيره على الإمامة يدخله العجب والزهو وذلك يقلل من ثواب الصلاة إن لم يذهب به أصلًا ، مع العلم بأن صلاة الجماعة ينال ثوابها كلٌّ من الإمام والمأمومين ، فلا فضل لأحد منهم على الآخر ، إلا بمقدار إخلاصه وخشوعه .