يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-:
الأحاديث الموضوعة في رمضان والصوم:
-منها حديث: (افترض الله على أمتي الصوم ثلاثين يومًا وافترض على سائر الأمم قلَّ أو كثر وذلك أن آدم لما أكل من الشجرة بقي في جوفه مقدار ثلاثين يومًا فلما تاب الله عليه أمره بصيام ثلاثين يومًا بلياليهن وافتُرِضَ على أمتي بالنهار وما يؤكل من الليل ففضل من الله تعالى). رواه الخطيب عن أنس مرفوعًا وقال : محمد بن نصر البغدادي (من رواته) غير ثقة , وهو يحدث عن الثقات بالمناكير.
ونحن نقول: مثل هذا الحديث الباطل قد اغتر به بعض المفسرين وحكموه في قوله تعالى: [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ](البقرة: 183) وظنوا أن التشبيه من كل وجه, ولم يساعدهم على ذلك نقل، والظاهر أنه تشبيه أصل الكتابة علينا بالكتابة عليهم من غير نظر إلى المكتوب في مقداره وكيفيته ولا إشكال فيه، وفي الحديث أيضًا تعليل الصوم وبيان الحكمة فيه, وأنها أكل آدم من الشجرة, وهو يقتضي أن الصوم عقوبة, ويتضح فساد هذا الرأي وأنه اعتقاد وثني، والحكمة الصحيحة هي المنصوصة في القرآن.
-منها حديث:(لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى ولكن قولوا: شهر رمضان). رواه ابن عدي عن أبي هريرة مرفوعًا وفي إسناده محمد بن أبي معشر عن أبيه وليس بشيء، وقد أخرجه البيهقي في سننه وضعفه بأبي معشر، ورواه غيرهما كذلك .
-منها حديث:(إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نادى الجليلُ رضوان خازن الجنان فيقول: لبيك وسعديك) وفيه: (أمره بفتح الجنة وأمر مالك بتغليق النار). وهو حديث طويل يذكر في كتب الوعظ والرقائق وبعض الخطب وقد صرح المحدثون بأنه موضوع وفي إسناده أصرم بن حوشب كذّاب .
-منها حديث: (لو علم العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن يكون رمضان السنة كلها) الخ ما هو مشهور ، رواه أبو يعلى عن ابن مسعود مرفوعًا, وهو موضوع آفته جرير بن أيوب، قال الإمام الشوكاني
بعدما أورد هذا عقيب ما قبله : وسياقه وسياق الذي قبله مما يشهد العقل بأنهما موضوعان فلا معنى لاستدراك السيوطي لهما على ابن الجوزي بأنهما قد رواهما غير من رواهما عنه ابن الجوزي فإن الموضوع لا يخرج عن كونه موضوعًا برواية الرواة اهـ.
-منها حديث : ( إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله إلى خلقه الصوَّام, وإذا نظر الله إلى عبد لم يعذبه أبدًا). وفيه : ( فإذا كان ليلة النصف .. وإذا كان ليلة خمس وعشرين..) الخ الحديث, وهو موضوع, وفيه مجاهيل والمتهم بوضعه عثمان بن عبد الله القرشي.
-منها حديث : ( إن الله تعالى في كل ليلة من رمضان عند الإفطار يعتق ألف ألف عتيق من النار). روي عن ابن عباس ( رضي الله عنهما ) وهو لا يثبت عنه , ورواه ابن حبان من حديث أنس بلفظ (ستمائة ألف ) بنقص أربعمائة ألف عن الرواية السابقة وقال : باطل لا أصل له، وقد رواه البيهقي من طريق أخرى عن الحسن وقال البيهقي : هكذا جاء مرسلا – ومراسيل الحسن عندهم ليست بشيء – ورواه أيضًا من حديث أبي أمامة بلفظ : ( إن لله عند كل فطر عتقاء من النار). وقال : غريب جدًّا، ورواه أيضًا من حديث ابن مسعود بلفظ: (لله تعالى عند كل فطر من شهر رمضان كل ليلة عتقاء ستون ألفًا فإذا كان يوم الفطر أعتق مثلما أعتق في جميع الشهر). ورواه الديلمي باللفظ الأول..وهو وإن كان يروي للضعفاء إلا أن اضطراب الحديث في رواياته وما فيه من التغرير وتجريء العوام على انتهاك الحرمات واقتراف السيئات ومن الغلو في المبالغة الذي هو من علامات الوضع, ومن فساد المعنى بالنسبة لأشهر الروايات وهما رواية ألف ألف ورواية ستمائة ألف ولم يكن الذين يصومون رمضان في عهده ﷺ يبلغون عدد عتقى ليلة واحدة – كل ذلك يدلنا على أن تعدد الروايات لا ينافي وضع الحديث واختلاقه، فبعدًا لخطباء الجهالة الذين يقرأونه على المنابر يغرّون به الناس.
-منها حديث : ( لو أذن الله لأهل السموات والأرض أن يتكلموا لبشروا صوَّام رمضان بالجنة). رواه العقيلي عن أنس مرفوعًا وقال : إسناد مجهول وحديث غير محفوظ، وهو مما يذكره الخطباء.
ومن الأحاديث الواهية التي يذكرها الخطباء على المنابر حديث : ( نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح وعمله مضاعف ودعاؤه مستجاب وذنبه مغفور ), رواه البيهقي والديلمي وابن النجار من حديث عبد الله بن أبي أوْفى الأسلمي، قال البيهقي عقيب إيراده : معروف بن حسان – أي أحد رجاله – ضعيف , وسليمان بن عمر النخعي أضعف منه، وقال العراقي : سليمان النخعي أحد الكذابين..ونقول : يا لله العجب من هؤلاء الذين ألفوا دواوين الخطب الجُمعية كيف تحرَّوْا الأحاديث الموضوعة والواهية , ومن أين جمعوها , ولمَ عادوا الأحاديث الصحيحة واجتنبوها ؟ !
-منها حديث : ( إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين). رواه ابن حبان عن ابن عمر مرفوعًا وقال : لا أصل له.
-منها حديث : ( ثلاثة لا يسألون عن نعيم المطعم والمشرب – المفطر والمتسحر وصاحب الضيف , وثلاثة لا يسألون عن سوء الخلق المريض والصائم والإمام العادل). قال في الذيل: فيه مجاشع يضع أي فهو مكذوب.
-منها حديث : ( أنه يسبح من الصائم كل شعرة وتوضع للصائمين والصائمات يوم القيامة تحت العرش مائدة من ذهب ) الخ في إسناده أبو عصمة وضّاع.
-منها حديث : ( صوموا لتصحوا). قال الصغاني : موضوع , وقال في المختصر : ضعيف.
-منها حديث : أن أنسًا أكل البَرَد وهو صائم وقال : إنه ليس بطعام فقرره ﷺ على ذلك.قال في الذيل : فيه عبد الله بن الحسين يسرق الحديث .
-منها حديث : ( إنما سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب , وإن فيه ثلاث ليال ليلة سبع عشرة وليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين من فاتته فاته خير كثير , ومن لم يغفر له في شهر رمضان ففي أيّ شهر يغفر له). قال في الذيل : في إسناده زياد بن ميمون كذّاب.
-منها حديث : ( أن الله أوحى إلى الحفظة أن لا تكتبوا على صوام عبيدي بعد العصر سيئة). رواه الخطيب عن أنس مرفوعًا. قال الدارقطني : إبراهيم بن عبد الله المروزي ليس بثقة حدّث عن قوم ثقات بأحاديث باطلة هذا منها..ونقول: هو إباحة للمعاصي في ذلك الوقت قاتل الله واضعه ما أشد إغواءه وإضلاله.
-منها حديث : ( إذا سلمت الجمعة سلمت الأيام وإذا سلم رمضان سلمت السنة ) , رواه الدارقطني والبيهقي عن عائشة مرفوعًا , وفي إسناده عبد العزيز بن أبان وهو كذاب، ورواه أبو نعيم في الحلية بإسناد آخر فيه أحمد بن جمهور وهو متهم بالكذب.
-منها حديث : ( من أفطر على تمرة من حلال زيد في صلاته أربعمائة صلاة ) , رواه تمام في فوائده عن أنس مرفوعًا , وفي إسناده موسى الطويل كان يضع الحديث.
-منها حديث : ( من تأمل خلق امرأة حتى يبين له حجم عظمها وراء ثيابها وهو صائم فقد أفطر ) رواه ابن عدي عن أنس مرفوعًا وهو موضوع فيه كذابان.
-منها حديث : ( خمس يفطرن الصائم وينقضن الوضوء الكذب والنميمة والغيبة والنظر بشهوة واليمين الكاذبة ). قال في اللآلي : موضوع , سعيد – يعني ابن عنبسة – كذاب والثلاثة فوقه مجروحون .
أقول : وله طرق أخرى فيها وضاعون أيضًا إلا طريق داود بن رشيد فهو متقارب ليس فيه من رمي بالكذب لكن فيه محمد بن حجاج ضعيف , وأورده الإمام الغزالي في الإحياء بناء على أنه ضعيف يعمل به في التنفير عن الرذائل التي لم يشرع الصوم إلا لاتقائها.
-منها حديث: (من أفطر يومًا من رمضان فليهد بدنة, فإن لم يجد فليطعم ثلاثين صاعًا من تمر للمساكين)رواه الدارقطني عن جابر مرفوعًا وفي إسناده مقاتل بن سليمان كذاب, و الحارث بن عبيدة الكلاعي ضعيف .
-منها حديث : ( من أفطر يومًا من رمضان من غير رخصة ولا عذر كان عليه أن يصوم ثلاثين يومًا , ومن أفطر يومين كان عليه ستون يومًا ومن أفطر ثلاثًا كان عليه تسعون يومًا ). رواه الدارقطني عن أنس
مرفوعًا وقال: لا يثبت, عمر بن أيوب المفضل لا يحتج به, ومحمد بن صبيح ليس بشيء.
-منها حديث : ( من فطر صائمًا على طعام وشراب من حلال صلت عليه الملائكة ) رواه ابن عدي عنسليمان مرفوعًا، قال ابن حبان : لا أصل له, وفي إسناد ابن عدي متروكان, وفي إسناد ابن حبان متروك .