الحديث المعلق هو ما سقط من أول إسناده راو أو أكثر، قال ابن الصلاح: وقد استعمله بعضهم في حذف كل الإسناد كقول بعض المصنفين في الحديث:
قال رسول الله ، أو قال ابن عباس، أو قال عطاء أو غيره.
مثاله: ما رواه الإمام البخاري في الصحيح عن الماجشون ، عن عبد الله بن الفضل، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: “لا تفاضلوا بين الأنبياء” فهذا الإسناد قد سقط بعض الرواة من أول إسناده؛ لأن البخاري لم يعاصر الماجشون.

ثم إن الحديث المعلق قد يكون تعليقه من صنيع بعض المصنفين في الحديث، ويكون مسموعًا له بالاتصال، وقد يكون مسموعًا له كذلك غالبًا، فما كان التعليق فيه من تصرف بعض المصنفين كالبخاري ومسلم أفردوه بالبحث، لبيان السبب في إيراده كذلك، ثم لبيان أنواعه بحسب الصيغ التي أورد بها، وبيان حكم كل نوع منه، ولهذا فقد تكلموا عما في الصحيحين من أحاديث معلقة، وبينوا قلتها عند مسلم وأنها موصولة في كتابه، وأنها كثيرة عند البخاري، وأن منها ما علقه بصيغة تقتضي الجزم بصحة الحديث، ومنها ما علقه بصيغة لا تقتضي الجزم بذلك، فالأول حكم منه بصحة الحديث إلى من علقه عنه، والثاني ليس فيه حكم منه بذلك إلا أن إيراده له في كتابه الذي التزم فيه الصحة مؤذن بصحة أصله.

وهذا كله في حديث ذكر معلقًا ولم يذكر موصولاً في مكان آخر من الصحيح، أما ما ذكره مرة معلقًا ومرة موصولاً فالحكم أنه متصل، وهذا تقرير ابن الصلاح وبحثه لهذا النوع في صحيح البخاري.

أما الحافظ ابن حجر فإنه مع تسليمه لما رآه الشيخ ابن الصلاح فإنه خطا خطوات موفقة درس فيها هذه الأحاديث، وبينها جميعًا حديثًا حديثًا، وأثبت أنها جميعًا فى عداد الصحيح المقبول، وذكر الأسباب التي يظن أنها حملت البخاري -رحمه الله- على إيراد هذه الأحاديث معلقة – وبين أنه لا يرد من هذه الأحاديث إلا ما أورده البخاري في كتابه مصرحًا بعدم صحته- وقد أفاض في كل ذلك إفاضة بالغة، فكفي وشفى، فرضي الله عنه وأرضاه.

بقي أن نقول: إن التعليق مخصوص بما يسوقه المصنفون في كتبهم المصنفة في ذلك، ولو ادعى أحد أن ذلك مخصوص بالصحيحين لكان له ذلك.

ومن هنا نعلم أن ما يسوقه الفقهاء وغيرهم من أهل العلوم مما يقولون فيه: قال رسول الله ، أو قال ابن عباس أو غيره، ليس من التعليق في شيء، بل هو حديث معضل، وللمحدثين فيه عبارات مختلفة تدل على حاله منها (ذكره فلان بلا سند) أو (هكذا ذكره بلا خطام ولا زمام).

وقد بذل المحدثون جهودًا مشكورة في تتبع هذه الأحاديث، وبيان حالها في كتب التخريج وحرروا ألفاظها، وذكروا ما لها وما عليها. فجزاهم الله عن الشريعة والسنة أحسن الجزاء.