كان رسول الله ـ ﷺ ـ يدخل المسجد قبل غروب شمس يوم العشرين من شهر رمضان حتى يستقبل ليلة الحادي والعشرين منه، ويبتدئ في العبادة ولا يخرج من المسجد، ولا يتحدث فيه مع أحد اللهم إلا للضرورة القصوى، إلى أن ينتهي رمضان.
وهذا الطريق هو الأكمل، وهو ما يُسَمَّى بالاعتكاف، وقد لا يَتَيَسَّر لبعض الناس فيكون الطريق الآخر، وهو التفرُّغ بقَدْر الاستطاعة للعبادة في البيت، وسواءً أكان الإنسان مُتَّخِذًا طريق الاعتكاف أم طريق التفرغ بقدر الاستطاعة فإن العبادة وإحياء الليل في هذه الأيام يكون بقراءة القرآن والصلاة والذكر والدعاء.
فضل الأيام العشرة الأخيرة من رمضان:
إن فيها أولاً فضل الذي في جميع أيام شهر رمضان، ثم هي تَزِيد على هذا بأنها مَظِنَّة ليلة القدْر التي هي خير من ألف شهر، وقد كان الرسول ـ ﷺ ـ يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها، إنه ـ ﷺ ـ كان طيلة حياته مُجِدًّا في العبادة، ولكنه كان في شهر رمضان يجتهد أكثر، ثم إذا حلَّ العشر الأواخر يتفَرَّغ إلى الله، عن السيدة عائشة ـ رضوان الله عليها ـ أن النبي ـ ﷺ ـ كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل كلَّه، وأيقظ أهل وشدَّ المِئْزر، ومعنى شد المِئْزَر أنه شمَّر عن ساعد الجِدِّ، وكان بكِيانه كله نشاطًا واجتهادًا في العبادة .