لا يجوز للمرأة أن تعتكف إلا بإذن زوجها، لأن اعتكافها في المسجد يفوت حق الزوج، وإن أذن لها الزوج ثم بان له أن يرجع عن إذنه فقد اختلف العلماء في هذا، فذهب الشافعية والحنابلة أن للزوج أن يمنعها من الصوم[النافلة] أو الاعتكاف ولو كانت شرعت فيه، والمالكية قالوا يمنعها قبل الشروع لا بعده، والحنفية قالوا: ليس له منعها.
قال الشيرزاي رحمه الله تعالى في المهذب:
لا يجوز للمرأة أن تعتكف بغير إذن الزوج؛ لأنَّ استمتاعها ملك للزوج، فلا يجوز إبطاله عليه بغير إذنه.
وقال ابن قدامة المقدسي في المغني [بتصرف]:
ليس للزوجة أن تعتكف إلا بإذن زوجها، فإن أذن الزوج لها، ثم أراد إخراجها منه بعد شروعها فيه، فله ذلك في التطوع. وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة في الزوجة : ليس لزوجها إخراجها ؛ لأنها تملك بالتمليك، فالإذن أسقط حقه من منافعها، وأذن لها في استيفائها، فلم يكن له الرجوع فيها، كما لو أذن لها في الحج فأحرمت به، بخلاف العبد ؛ فإنه لا يملك بالتمليك. وقال مالك : ليس له تحليلهما.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
الزوجة مرتبطة بإذن الزوج في التطوع بالعبادات، فلا يجوز لها إذا كان زوجها حاضرا أن تتطوع بصلاة أو صوم أو حج أو اعتكاف بدون إذنه، إذا كان ذلك يشغلها عن حقه ; لأن حق الزوج فرض، فلا يجوز تركه بنفل ; ولأنَّ له حق الاستمتاع بها، ولا يمكنه ذلك أثناء الصوم أو الحج أو الاعتكاف.
وقد روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي ﷺ قال : { لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد أي حاضر إلا بإذنه }. رواه البخاري. فإن تطوعت بصوم أو حج أو اعتكاف دون إذنه فله أن يفطرها في الصوم، ويحللها من الحج، ويخرجها من الاعتكاف لما فيه من تفويت حق غيرها بغير إذنه، فكان لرب الحق المنع. وهذا باتفاق.
وإن أذن الزوج لها أن تتطوع بصوم أو اعتكاف أو حج، فعند الشافعية والحنابلة : له أن يمنعها من الصوم أو الاعتكاف ولو كانت شرعت فيه ; لأن النبي ﷺ أذن لعائشة وحفصة وزينب رضي الله تعالى عنهن في الاعتكاف، ثم منعهن منه بعد أن دخلن فيه، فقد أخرج الشيخان عن عائشة { أن رسول الله ﷺ ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة فأذن لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت، فلما رأت ذلك زينب بنت جحش أمرت ببناء فبني لها. قالت : وكان رسول الله ﷺ إذا صلى انصرف إلى بنائه، فأبصر الأبنية فقال: ما هذا ؟ قالوا : بناء عائشة وحفصة وزينب. فقال رسول الله ﷺ : آلبر أردن بهذا ؟ ما أنا بمعتكف }.
وعند الحنفية ليس له أن يمنعها ؛ لأنه لما أذن لها فقد ملَّكها منافع الاستمتاع بها، وهي من أهل الملك فلا يملك الرجوع عن ذلك. وعند المالكية : له أن يمنعها ما لم تشرع في العبادة، فإن شرعت فلا يمنعها.
وما أوجبته المرأة على نفسها بنذر، فإن كان بغير إذنه فله أن يمنعها منه، وهذا باتفاق. وإن كان بإذنه، فإن كان في زمان معين فليس له منعها منه. وإن كان في زمان مبهم، فله المنع عند المالكية إلا إذا دخلت فيه، وهو على وجهين عند الشافعية والحنابلة.