المشقة لا تقصد لذاتها في الإسلام، بل على العكس من ذلك فإن القاعدة الكلية “المشقة تجلب التيسير”، وفي عهد النبي ـ ﷺ ـ أراد رجل أن يصوم واقفًا في الشمس لا يستظل ويرفع إحدى قدميه، فأمره النبي بإنزال قدمه، والاستظلال وإتمام الصيام.
وهكذا نرى الحبيب محمد -ﷺ- المبعوث رحمة للعالمين والذي هو بالمؤمنين رؤوف رحيم، يقبل العبادة الأصلية ولا يرى المشقة الزائدة، بل إننا نرى الشارع الحكيم يخفف عنا العبادات إذا صاحبتها مشقات، فأذن بالفطر للمسافر والمريض، وأذن بقصر الصلاة وجمعها للمسافر، هذا كله تحقيقًا لقوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الآية 78 : سورة الحج ، ووصفه لحبيبه محمد ﷺ، (وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى) الآية 8 : سورة الأعلى .
فوضوء المسلم بالماء البارد أو شديد البرودة في الشتاء، مع وجود الماء الدافئ لم ترد به أدلة شرعية على أن نتعبد بمثل هذا، فإننا نرى النبي ـ ﷺ ـ كان يشرب الماء البارد ، وما قال أشرب ماء ساخنًا عبادة لله .
والذي يفعل هذا ليس عبادة، ولو ترتب عليه ضرر صار آثما، ويخشى من هذا التشدد ألا يتحمله ، فإن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، ” ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ” رواه البخاري ، وهذا في باقي الأمور كلها، واعلم أن النبي ـ ﷺ ـ قال: ” أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ” متفق عليه .