الراجح من أقوال الفقهاء هو جواز استبدال الوقف إذا كان في ذلك مصلحة. فإذا كانت هناك مصلحة من استبدال هذه الأرض الموقوفة بأرض أخرى بجوار المسجد فلا حرج في ذلك، أما عن استبدال الأرض فلا ينظر إلى المساحة ولكن ينظر إلى قيمة الأرض.
قال الإمام ابن قدامة في المغني:
ظاهر كلام الخرقي أن الوقف إذا بيع، فأي شيء اشتري بثمنه مما يرد على أهل الوقف جاز، سواء كان من جنسه، أو من غير جنسه؛ لأن المقصود المنفعة لا الجنس، لكن تكون المنفعة مصروفة إلى المصلحة التي كانت الأولى تصرف فيها؛ لأنه لا يجوز تغيير المصرف مع إمكان المحافظة عليه، كما لا يجوز تغيير الوقف بالبيع مع إمكان الانتفاع به. أهـ
جاء في مجموع فتاوى ابن تيمية:
قال الشيخ الإمام العالم العلامة أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية قدَّس الله روحه:
فصل في ” إبدال الوقف ” حتى المساجد بمثلها أو خير منها للحاجة أو المصلحة وكذلك إبدال الهدي والأضحية؛ والمنذور وكذلك إبدال المستحق بنظيره إذا تعذر صرفه إلى المستحق .
والإبدال يكون تارة بأن يعوض فيها بالبدل . وتارة بأن يباع ويشترى بثمنها المبدل . فمذهب أحمد في غير المسجد يجوز بيعه للحاجة .
وأما المسجد فيجوز بيعه أيضا للحاجة : في أشهر الروايتين عنه، وفي الأخرى لا تباع عرصته بل تنقل آلتها إلى موضع آخر .
ونظير هذا ” المصحف ” فإنه يكره بيعه كراهة تحريم أو تنزيه . وأما إبداله فيجوز عنده في إحدى الروايتين عنه من غير كراهة؛ ولكن ظاهر مذهبه : أنه إذا بيع واشتري بثمنه فإن هذا من جنس الإبدال؛ إذ فيه مقصوده؛ فإن هذا فيه صرف نفعه إلى نظير المستحق إذا تعذر صرفه إلى عينه .
فإن المسجد إذا كان موقوفا ببلدة أو محلة فإذا تعذر انتفاع أهل تلك الناحية به صرفت المنفعة في نظير ذلك فيبنى بها مسجد في مكان آخر… وقد جوَّز أحمد بن حنبل إبدال مسجد بمسجد آخر للمصلحة، كما جوَّز تغييره للمصلحة، واحتجَّ بأنَّ عمر بن الخطاب أبدل مسجد الكوفة القديم بمسجد آخر، وصار المسجد الأول سوقاً للتمَّارين، و جوَّز أحمد إذا خرب المكان أن ينقل المسجد إلى قرية أخرى، بل ويجوز في أظهر الروايتين عنه أن يباع ذلك المسجد ويعمر بثمنه مسجد آخر في قرية أخرى إذا لم يحتج إليه في القرية الأولى. أهـ
وجاء في كتاب فتح القدير لكمال الدين ابن الهمام -من فقهاء الحنفية-:
الوقف يقبل الانتقال من أرض إلى أرض، فإن أرض الوقف إذا غصبها غاصب وأجرى عليها الماء حتى صارت بحرا لا تصلح للزراعة يضمن قيمتها ويشتري بها أرضا أخرى فتكون وقفا مكانها، وكذا أرض الوقف إذا قلَّ نزلها بحيث لا تحتمل الزراعة، ولا تفضل غلتها من مؤنتها، ويكون صلاح الأرض في الاستبدال بأرض أخرى.أهـ