أفتت دار الإفتاء بالسعودية بعدم جواز إهداء ثواب العمل الصالح للنبي -ﷺ- وجاء في نص الفتوى ما يلي:
لا يجوز إهداء الثواب للرسول ﷺ ، لا ختم القرآن ولا غيره؛ لأن السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم، لم يفعلوا ذلك، والعبادات توقيفية، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، وهو له مثل أجور أمته في كل عمل صالح تعمله؛ لأنه هو ﷺ الذي دعاها إلى ذلك، وأرشدها إليه، وقد صح عنه ﷺ أنه قال: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي مسعود الأنصاري .
ويقول عصام الشعار -الباحث بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة- جامعة الأزهر:
محبة رسول الله ـ ﷺ ـ واجبة ، بل هي أصل من أصول الدين الذي لا يتم الإيمان إلا به كما قال الإمام ابن تيميةـ رحمه الله- وعلى ذلك انعقد إجماع المسلمين.
ولكن إهداء ثواب الصدقة وغيرها من القرب والطاعات إلى رسول الله ﷺ فهي من المسائل التي اختلف فيها الفقهاء، وذهب الجمهور إلى عدم جواز ذلك، فكل أعمال الأمة من الواجبات والمندوبات في ميزانه -ﷺ- والأفضل أن تنشغل بالصلاة عليه ﷺ فهذه عبادة وقربة حثنا عليها رسول الله ﷺ وأن نسأل الله له الوسيلة، وينبغي أن يكون حبك لرسول الله ﷺ دافعا لك على أن تقتدي بسنته ﷺ.
وجاء في كتاب مواهب الجليل للحطاب –من فقهاء المالكية-:
ذكر ابن الحاج الحنبلي في اختيارات ابن تيمية أن إهداء القرب له ﷺ وهي أعم من القرآن وغيره لا يستحب بل هو بدعة وأنه الصواب المقطوع به.
وسئل الشيخ عماد الدين بن العطار تلميذ النووي – رحمهما الله- هل تجوز قراءة القرآن وإهداء الثواب إليه ﷺ وهل فيه أثر؟
فأجاب بما هذا لفظه: أما قراءة القرآن العزيز فمن أفضل القربات، وأما إهداؤه للنبي ﷺ فلم ينقل فيه أثر ممن يعتد به، بل ينبغي أن يمنع منه لما فيه من التهجم عليه فيما لم يأذن فيه مع أن ثواب التلاوة حاصل له بأصل شرعه ﷺ، وجميع أعمال أمته في ميزانه، وقد أمرنا الله بالصلاة عليه، وحث ﷺ على ذلك وأمرنا بسؤال الوسيلة والسؤال بجاهه، فينبغي أن يتوقف على ذلك مع أن هدية الأدنى للأعلى لا تكون إلا بالإذن انتهى كلامه.
قال صاحبنا الشيخ شمس الدين السخاوي تلميذ شيخنا قاضي القضاة ابن حجر في مناقبه التي أفردها أنه سئل عمن قرأ شيئا من القرآن وقال في دعائه اللهم اجعل ثواب ما قرأته زيادة في شرف رسول الله ﷺ؟
فأجاب هذا مخترع من متأخري القراء لا أعلم لهم سلفا فيه.
وقال الشيخ زين الدين عبد الرحمن الكردي في كتاب النصيحة وقع السؤال عن جواز إهداء القرآن للنبي ﷺ؟
والجواب أن ذلك شيء لم يرو عن السلف فعله ونحن بهم نقتدي وبذلك نهتدي ثم توسع في المسألة وليته اقتصر على كلامه الأول لكنه قال: وأجاب بعضهم بجوازه بل استحبابه قياسا على ما كان يهدى إليه في حياته من الدنيا، وكما طلب الدعاء من عمر، وحث الأمة على الدعاء بالوسيلة عند الأذان، وعلى الصلاة عليه ثم قال: وإن لم تفعل ذلك فقد اتبعت، وإن فعلت فقد قيل به.
وقال الشيخ زين الدين خطاب هذه المسألة لا توجد في كلام المتقدمين من أئمتنا وأكثر المتأخرين منع من ذلك.
وقال الشيخ نجم الدين القاضي بن عجلون قد توسع الناس في ذلك وتصرفوا في التعبير عنه بعبارات متقاربة في المعنى كقولهم في صحيفته ﷺ : أو نقدمها إلى حضرته أو زيادة في شرفه وقد تقترن بذلك هيئات تخل بالأدب معه ﷺ وما ألجأهم إلى ارتكاب ذلك مع أن جميع حسنات الأمة في صحيفته وقد قال ﷺ (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك). قال : فالذي ينبغي ترك ذلك والاشتغال بما لا ريب فيه كالصلاة عليه ﷺ وسؤال الوسيلة له وغير ذلك من أعمال البر المأثورة في الشرع فإنها بحمد الله كثيرة وفيها ما يغني عن الابتداع في الدين والوقوع في الأمور المختلف فيها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة له عن إهداء الثواب إلى النبي ﷺ :
” لم يكن من عمل السلف أنهم يصلُّون ويصومون ويقرؤون القرآن ويهدون للنبي ﷺ ، كذلك لم يكونوا يتصدقون عنه ، ويعتقون عنه ؛ لأن كل ما يفعله المسلمون فله مثل أجر فعلهم من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً” انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في “الشرح الممتع” :
” بعض المحبِّين للرَّسُول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يهدون إليه القُرَب ؛ كالختمة والفاتحة على روح محمَّد كما يقولون وما أشبه ذلك ، فنقول : هذا من البدع ومن الضلال .
ومن القواعد المقررة أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح فإذا دار الأمر بين المنع والجواز فالأحوط الترك.