أولا: الالتزام بالشرع هو الأولى ، وعلى جيران أهل الميت أن يصنعوا لهم طعاما، كما قال النبي ﷺ: “اصنعوا لأهل جعفر طعاما؛ فقد جاءهم ما يشغلهم” هذه هي السنة أن يصنع الجيران طعاما؛ لأن أهل الميت جاءهم ما يشغلهم ويستقبلون من جاءوهم للتعزية لمدة ثلاثة أيام.
ثانيا: لماذا يقوم أهل الميت بعمل الطعام في ثالث يوم من وفاته؟ لماذا اختاروا هذا اليوم الثالث؟ هل لأن أقاربهم سيغادرونهم؟ وحتى يقفوا معهم ليساعدوهم في تقديم الطعام أم هم سيصنعون طعاما عن روح هذا الميت؟
إن كانوا يريدون الأجر؛ فالأجر يصل إلى الميت بإذن الله إن كان إطعاما أو كساء بحسب نية الفاعل لذلك، والنبي ﷺ عندما أمر الأنصار أن يصنعوا طعاما لآل جعفر.. هذا يفيد أن غير أهل الميت هم من يصنع الطعام لأهل الميت، ويجب أن يعلم طلبة العلم أن هناك سنة فعلية وسنة تركية؛ الفعلية ما فعله النبي ﷺ، وكان باستطاعته أن يتركه. والسنة التركية ما تركة النبي ﷺ وكان باستطاعته أن يفعله.
وعندما يقول القائل: من يمنع أهل الميت من صنع الطعام نقول: إنه تركه النبي ﷺ، وما دام تركه النبي مع أنه قادر على فعله فهو سنة تركية، والله أمرنا بطاعته ﷺ، فقال: (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ ) النساء: 80، وأمرنا أن نأخذ ما أمرنا، وأن نترك ما نهانا عنه؛ لقوله سبحانه: ) وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا( الحشر :7 .
فعلينا أن نصنع طعاما لأهل الميت، ولا نجعل أهل الميت يصنعون طعاما، ولكن إن أراد أهل الميت أن يبروا ميتهم بشيء من مثل صنع الطعام أو صدقة أو كساء أو مساعدة الطلاب الفقراء في دفع رسوم دراسية أو شيء من مثل هذا أو ذاك فلا بأس بشرط ألا يتعمدوا أن يجعلوه في اليوم الثالث، الذي أصبح عند الناس معروفا بثالث الميت أو أربعين الميت، فيستطيعون في اليوم العاشر أو الخامس أو قبله أو بعده حتى يتقوا الشبهات، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.