أباح الشرع الحنيف للخاطب رؤية المرأة التى يريد أن يخطبها؛ لأن هذا من العوامل التى تساعد على استقرار نبتة الأسرة الإسلامية؛ والأفضل أن تتم الرؤية المباشرة في محيط الأسرة، فإن في إرسال الصورة أخطار، منها الاحتفاظ بها، وإساءة استخدامها إذا باءت الخطبة بالفشل، فإذا كانت الرؤية المباشرة متعذرة، وكانت الفتاة واثقة ممن سترسل إليه الصورة فلا بأس بإرسالها، على أن تكون الصورة بكامل الحجاب دون إظهار الشعر، وإن كنا لا نحبذ إرسال الصورة على كل حال سدا للذريعة.

وقد جاء في فتاوى الأزهر:

(إن الفقهاء أباحوا للخاطب أن يرى مخطوبته وأن تراه مخطوبته بحضور أحد محارمها كأبيها أو أخيها أو عمها أو خالها، وأن يكرر هذه الرؤية إذا لم تكف المرة الواحدة بالشرط المذكور.‏

والأصل فى ذلك هو ما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة ،فقال النبى صلى الله عليه وسلم:”‏ انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ” رواه الخمسة إلا أبا داود؛ وعن أبى هريرة قال ” خطب رجل امرأة فقال النبى صلى الله عليه وسلم انظر إليها فإن فى أعين الأنصار شيئا )‏ رواه أحمد والنسائى وعن جابر قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: (‏ إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل )‏ رواه أحمد وأبو داود -‏ وعن موسى بن عبد الله عن أبى حميد أو حميدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لا تعلم )‏ رواه أحمد. وعن محمد بن سلمة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ألقى الله عز وجل فى قلب امرىء خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها )‏ رواه أحمد وابن ماجه.‏

وهذه الأحاديث كلها رواها الإمام الشوكانى، وقد قال بعد ما بين صحة سندها وذكر أحاديث أخرى فى هذا الباب وأحاديث الباب: فيها دليل على أنه لا بأس بنظر الرجل إلى المرأة التى يريد أن يتزوج بها، والأمر المذكور فى حديث أبى هريرة وحديث المغيرة وحديث جابر للإباحة بقرينة قوله فى حديث أبى حميد: (‏ فلا جناح عليه )‏ وفى حديث محمد بن سلمة (‏ فلا بأس )‏ وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء، وقال الإمام النووى الشافعى المذهب فى شرحه لصحيح مسلم فى هذا الباب عند شرحه لحديث أبى هريرة ولفظه: قال كنت عند النبى صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظرت إليها قال: لا؛ قال: فاذهب فانظر إليها فإن فى أعين الأنصار شيئا.

وفيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها، وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبى حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء، وحكى القاضى عياض كراهته عن قوم ، وهذا خطأ مخالف لصريح هذا الحديث ومخالف لإجماع الأمة على جواز النظر للحاجة عند البيع والشراء والشهادة ونحوها، ثم إنه يباح النظر إلى وجهها وكفيها فقط؛ لأنهما ليسا بعورة، ولأنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده وبالكفين على خصوبة البدن أو عدمها هذا مذهبنا ومذهب الأكثرين.

و يستحب أن ينظر إليها قبل الخطبة حتى إن كرهها تركها من غير إيذاء بخلاف ما إذا تركها بعد الخطبة .‏ وإذا لم يمكن النظر استحب له أن يبعث امرأة يثق بها تنظر إليها وتخبره ،ويكون ذلك قبل الخطبة).

هذا عن النظر إلى المخطوبة، والصورة تأخذ حكم أصلها، وهو الإباحة فمن الممكن تمكين الخاطب من رؤية صورة من أراد أن يخطبها.

أما عن الاحتفاظ بصورة المخطوبة فقد قال فيه فضيلة الدكتور رفعت فوزى عبد المطلب:

لا يجوز الاحتفاظ بصور المخطوبة؛ لأنها تعتبر قبل العقد أجنبية عنه حتى يتم العقد، فيجوز له ما لا يجوز قبل ذلك، بالنظر إليها والجلوس معها، حتى من غير وجود محرم، فهذا كله يجوز بعد العقد ولا يجوز قبل العقد.