اختلاف الفقهاء في حكم تعجيل زكاة الفطر:

اختلف الفقهاء في تعجيل زكاة الفطر على النحو التالي:
1- يجوز تعجيلها قبل العيد بيوم أو يومين.
2- يجوز تعجيلها من نصف الشهر.
3- يجوز تعجيلها من أول الشهر.
4- يجوز تعجيلها من أول العام.
5- لا يجوز تعجيلها .

قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار:
يجوز تعجيل الفطر قبل يوم الفطر . وقد جوزه الشافعي من أول رمضان ، وجوزه الهادي والقاسم وأبو حنيفة وأبو العباس وأبو طالب ولو إلى عامين عن البدن الموجود وقال الكرخي من فقهاء الحنفية وأحمد بن حنبل : لا تقدم على وقت وجوبها إلا ما يغتفر كيوم أو يومين . وقال مالك والناصر والحسن بن زياد : لا يجوز التعجيل مطلقا كالصلاة قبل الوقت . وأجاب عنهم في البحر بأن ردها إلى الزكاة أقرب . وحكى الإمام يحيى إجماع السلف على جواز التعجيل.

وقال الإمام النووي في المجموع شرح المهذب:

يجوز تعجيل زكاة الفطر قبل وجوبها، وفي وقت التعجيل ثلاثة أوجه :

الأول: وهو الصحيح ما عليه الجمهور: يجوز في جميع رمضان ، ولا يجوز قبله .

الثاني : يجوز بعد طلوع فجر اليوم الأول من رمضان وبعده إلى آخر الشهر، ولا يجوز في الليلة الأولى ; لأنه لم يبدأ في الصوم .

الثالث : يجوز في جميع السنة، حكاه البغوي وغيره ، واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب : على أن الأفضل أن يخرجها يوم العيد قبل الخروج إلى صلاة العيد، وأنه يجوز إخراجها في يوم العيد كله ، وأنه لا يجوز تأخيرها عن يوم العيد، وأنه لو أخرها عصى ولزمه قضاؤها وسموا إخراجها بعد يوم العيد قضاء، ولم يقولوا في الزكاة إذا أخرها عن التمكن : إنها قضاء ، بل قالوا : يأثم ويلزمه إخراجها وظاهره : أنها تكون أداء ، والفرق : أن زكاة الفطر مؤقتة بوقت محدود ففعلها خارج الوقت يكون قضاء كالصلاة ، وهذا معنى القضاء في الاصطلاح ، وهو فعل العبادة بعد وقتها المحدود ، بخلاف الزكاة فإنها لا تؤقت بزمن محدود.

وقال الإمام ابن قدامة في المغني :
وإن قدم زكاة الفطر قبل ذلك بيوم أو يومين ، أجزأه وجملته أنه يجوز تقديم الفطرة قبل العيد بيومين ، لا يجوز أكثر من ذلك . وقال ابن عمر : كانوا يعطونها قبل الفطر بيوم أو يومين وقال بعض أصحابنا : يجوز تعجيلها من بعد نصف الشهر ، كما يجوز تعجيل أذان الفجر والدفع من مزدلفة بعد نصف الليل . وقال أبو حنيفة : ويجوز تعجيلها من أول الحول ; لأنها زكاة فأشبهت زكاة المال . وقال الشافعي : يجوز من أول شهر رمضان ; لأن سبب الصدقة الصوم والفطر عنه ، فإذا وجد أحد السببين ، جاز تعجيلها ، كزكاة المال بعد ملك النصاب .

وعن نافع ، عن ابن عمر ، قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر به ، فيقسم – قال يزيد أظن : هذا يوم الفطر – ويقول أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم . والأمر للوجوب ، ومتى قدمها بالزمان الكثير لم يحصل إغناؤهم بها يوم العيد ، وسبب وجوبها الفطر ; بدليل إضافتها إليه ، وزكاة المال سببها ملك النصاب ، والمقصود إغناء الفقير بها في الحول كله فجاز إخراجها في جميعه ، وهذه المقصود منها الإغناء في وقت مخصوص فلم يجز تقديمها قبل الوقت . فأما تقديمها بيوم أو يومين فجائز ; لما روى البخاري ، بإسناده عن ابن عمر ، قال { : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان . وقال في آخره : وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين } وهذا إشارة إلى جميعهم ، فيكون إجماعا ، ولأن تعجيلها بهذا القدر لا يخل بالمقصود منها ، فإن الظاهر أنها تبقى أو بعضها إلى يوم العيد ، فيستغنى بها عن الطواف والطلب فيه ، ولأنها زكاة ، فجاز تعجيلها قبل وجوبها ، كزكاة المال.

حكم إخراج زكاة الفطر في أول رمضان:

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر – رحمه الله تعالى-: يجوز إخراج زكاة الفِطر من أول يوم من رمضان على ما رآه الشافعيّة، ويجوز أن تؤدَّى قبل يوم العيد بيوم أو يومين عند بعض الأئمة، بل يجوز ذلك قبل رمضان ، أخرج البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: فَرَضَ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ زكاة الفِطر من رمضان صاعًا من تَمْرٍ..إلى أن قال :وكانوا يُعطُون قبل الفِطر بيوم أو يومين.

حكم تأخير زكاة الفطر بعد صلاة العيد:

لا يجوز تأخيرها عن يوم العيد. والأفضل إخراجُها قبل صلاة العيد، لما روى البخاري ومسلم أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أمر بزكاة الفِطر أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة، قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما : فمن أدّاها قبل الصلاة فهي زَكاة مقبولة ، ومَن أدّاها بعد الصّلاة فهي صدقة من الصّدقات. وفي حديث الدارقطني: أغنوهم عن الطّواف في هذا اليوم، أي أغنُوا الفقراء عن الطّواف والسّعْيِ في الأسواق، ونحوها بطلب الرِّزْق في هذا اليوم، وهو يوم العيد، وذلك بإعطائهم الزّكاة. وحُرمة التأخير عن يوم العيد محلُّها إذا وُجِدَ المُستحقُّون لها ولم يكن هناك غائِبون أولى منهم، فإذا عُدِمُوا، أو كان هناك غائِب أولى كالأرحام مثلاً، فلا يحرُم التأخير.