من أتى بهيمة ،ووصل الأمر للحاكم المسلم،عزره بما يراه رادعًا له عن مثل هذا الفعل.
قال ابن قدامة الفقيه الحنبلي في كتابه المغني:
اختلفت الرواية عن أحمد بن حنبل , في الذي يأتي البهيمة , فروي عنه , أنه يعزر , ولا حد عليه . روي ذلك عن ابن عباس , وعن كثير من الفقهاء كعطاء , والشعبي , والنخعي والحكم , ومالك , والثوري وأصحاب الرأي , وإسحاق , وهو قول للشافعي .
والرواية الثانية , حكمه حكم اللائط سواء .
وقال الحسن البصري : حده حد الزاني . وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن : يقتل هو والبهيمة ; لقول رسول الله ﷺ : { من أتى بهيمة , فاقتلوه , واقتلوها معه } . رواه أبو داود .
ووجه الرواية الأولى , أنه لم يصح فيه نص , ولا يمكن قياسه على الوطء في فرج الآدمي ; لأنه لا حرمه لها , وليس بمقصود يحتاج في الزجر عنه إلى الحد , فإن النفوس تعافه , وعامتها تنفر منه , فبقي على الأصل في انتفاء الحد والحديث يرويه عمرو بن أبي عمرو , ولم يثبته أحمد . وقال الطحاوي من الأحناف : هو ضعيف . ومذهب ابن عباس خلافه , وهو الذي روي عنه . قال أبو داود : هذا يضعف الحديث عنه , قال إسماعيل بن سعيد : سألت أحمد عن الرجل يأتي البهيمة , فوقف عندها , ولم يثبت حديث عمرو بن أبي عمرو في ذلك .
ولأن الحد يدرأ بالشبهات , فلا يجوز أن يثبت بحديث فيه هذه الشبهة والضعف . وقول الخرقي من فقهاء الحنابلة أنه : يعزر , ويبالغ في تعزيره ; لأنه وطء في فرج محرم , لا شبهة له فيه , لم يوجب الحد , فأوجب التعزير , كوطء الميتة .انتهى مصرفًا من كتاب المغني لابن قدامة.
والخلاصة أن من أتى مثل هذا الفعل عليه أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحًا،عسى الله أن يكفر عنه سيئات ماعمل ،وأن يصدق الله تعالى في توبته ،وأن يكثر من الأعمال الصالحة،لقوله تعالى: “إن الحسنات يذهبن السيئات ،ذلك ذكرى للذاكرين”،ومن رحمة الله تعالى أن جعل الحسنة بعشر أمثالها والسيئةبمثلها،فالمسارعة بالخيرات مع ترك المنكرات ،توجب للعبد عند الله تعالى رفيع الدرجات ،يوم الحسرات.