حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة.
وقت الحج وكيفيته كما جاء في القرآن والسنة:
قوله سبحانه “الحج أشهر معلومات” ليس معناه أن يحج المسلم متى شاء في هذه الأشهر بحيث ينقسم المسلمون على دفعات في الحج ، وإنما معناه أنه لا يجوز البدء في الحج قبل ميعاده وأشهره وهي: شوال وذو القعدة وذو الحجة على رأي ، ويجوز أن يحرم قبل شوال على رأي ، ولكن الجميع متفقون على عدم جواز أعمال الحج قبل وقته .
وكذلك قول الرسول ﷺ : ( الحج عرفة) ليس معناه أن يقف المسلم بعرفة متى شاء. وذلك لأن النبي ﷺ جاء موضحا بالعمل والقول لكتاب الله تعالى ، وقد وقف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة، وقال : “خذوا عنى مناسككم. كما أدى أعمال الحج الأخرى في أوقات معلومة. وقد أجمع العلماء جميعاً أن الوقوف بعرفة لا يصح إلا في يوم التاسع من ذي الحجة، لم يخالف في ذلك أحد .
ومصادر الشرع معلومة ومتفق على أن الأحكام تؤخذ من القرآن والسنة ، والإجماع والقياس . وقال ﷺ: ( لا تجتمع أمتي على ضلالة). كما أن المقصود بالحج اجتماع المسلمين في وقت ومكان واحد.
كلام المفسرين في معنى قوله تعالى الحج أشهر معلومات:
يقول الإمام ابن كثير في تفسيره: اختلف أهل العربية في قوله “الحج أشهر معلومات” فقال بعضهم تقديره الحج حج أشهر معلومات فعلى هذا التقدير يكون الإحرام بالحج فيها أكمل من الإحرام فيما عداها وإن كان ذاك صحيحا والقول بصحة الإحرام بالحج في جميع السنة مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وبه يقول إبراهيم النخعي والثوري والليث بن سعد.واحتج لهم بقوله تعالى “يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج” وبأنه أحد النسكين فصح الإحرام به في جميع السنة كالعمرة .
وذهب الشافعي رحمه الله إلى أنه لا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهره فلو أحرم به قبلها لم ينعقد إحرامه به وهل ينعقد عمرة فيه قولان عنه.
والقول بأنه لا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهره مروي عن ابن عباس وجابر وبه يقول عطاء وطاوس ومجاهد رحمهم الله والدليل عليه قوله “الحج أشهر معلومات” وظاهره التقدير الآخر الذي ذهب إليه النحاة وهو أن وقت الحج أشهر معلومات فخصصه بها من بين سائر شهور السنة فدل على أنه لا يصح قبلها كميقات الصلاة.
وقول الصحابي من السنة كذا في حكم المرفوع عند الأكثرين ولا سيما قول ابن عباس تفسيرا للقرآن وهو ترجمانه.والله أعلم. اهـ .
وقال الإمام القرطبي : واختلف في الأشهر المعلومات; فقال ابن مسعود وابن عمر وعطاء والربيع ومجاهد والزهري: أشهر الحج شوال وذو العقدة وذو الحجة كله.
وقال ابن عباس والسدي والشعبي والنخعي: هي شوال وذو القعدة وعشرة من ذي الحجة; وروي عن ابن مسعود, وقاله ابن الزبير . وفائدة الفرق تعلق الدم; فمن قال : إن ذا الحجة كله من أشهر الحج لم ير دما فيما يقع من الأعمال بعد يوم النحر; لأنها في أشهر الحج. وعلى القول الأخير ينقضي الحج بيوم النحر, ويلزم الدم فيما عمل بعد ذلك لتأخيره عن وقته. ولم يسم الله تعالى أشهر الحج في كتابه; لأنها كانت معلومة عندهم .
ولفظ الأشهر قد يقع على شهرين وبعض الثالث, لأن بعض الشهر يتنزل منزلة كله, كما يقال: رأيتك سنة كذا, أو على عهد فلان. ولعله إنما رآه في ساعة منها; فالوقت يذكر بعضه بكله, كما قال النبي ﷺ: (أيام منى ثلاثة).ا هـ.
قول النبي ﷺ الحج عرفة:
وأما حديث ( الحج عرفة) ، فقد رواه الترمذي عن عبد الرحمن بن يعمر أن ناسا من أهل نجد أتوا رسول الله ﷺ وهو بعرفة فسألوه فأمر مناديا فنادى : ( الحج عرفة ، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه).
وقال الترمذي: قال سفيان بن عيينة وهذا أجود حديث رواه سفيان الثوري . والعمل على حديث عبد الرحمن بن يعمر عند أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم أنه من لم يقف بعرفات قبل طلوع الفجر فقد فاته الحج ولا يجزئ عنه إن جاء بعد طلوع الفجر ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل وهو قول الثوري والشافعي وأحمد وإسحق . وقال وكيع عن هذا الحديث : هذا الحديث أًمًّ المناسك .
وجاء في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: ( الحج عرفة ) أي الحج الصحيح حج من أدرك يوم عرفة قاله الشوكاني .
وقال الشيخ عز الدين عبد السلام : تقديره إدراك الحج وقوف عرفة وقال القاري في المرقاة : أي ملاك الحج ومعظم أركانه وقوف عرفة لأنه يفوت بفواته . ( من جاء ليلة جمع ) أي ليلة المبيت بالمزدلفة وهي ليلة العيد . ( قبل طلوع الفجر ) أي فجر يوم النحر أي من جاء عرفة ووقف فيها ليلة المزدلفة قبل طلوع فجر يوم النحر وأورد صاحب المشكاة هذا الحديث بلفظ : من أدرك عرفة ليلة جمع قبل طلوع الفجر ( فقد أدرك الحج ) أي لم يفته وأمن من الفساد …(انتهى).
وأما التيسير في الحج فهو في عدم وجوبه إلا على المستطيع .