أيام التشريق من الأيام المباركة التي ذُكر فضلها في السنة المطهرة، وهي من أيام النفحات التي حثنا النبي ـ صلى الله عليه و وسلم ـ على أن نتعرض لها ونغترف من خيراتها، وهي أيام أكل وشرب ونكاح ، والمسلم مأمور بتحري الشرع والمسابقة والتسارع في تحصيل الحسنات على أية حال، وفي كل وقت وزمان، يستوي في ذلك أيام الأفراح والأتراح، فكل أمر المسلم خير كما أخبر المعصوم صلى الله عليه وسلم .

أيام التشريق أيام ذكر الله تعالى وشكره وإن كان الحق أن يذكر الله تعالى ويشكر في كل وقت وحين, لكن يتأكد في هذه الأيام المباركة. روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله) أخرجه مسلم وفي رواية للإمام أحمد(من كان صائماً فليفطر فإنها أيام أكل وشرب) صحيح مسلم.

وتعد هذه الأيام فاضلة وعظيمة، وهي الأيام المعدودات التي ذكرها الله-عز وجل- في القراَن الكريم: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}،

فضل أيام التشريق أنها أيام ذِكر لله تعالى، عقب الصلوات وفي كل الأوقات والأحوال، وذِكره تعالى على الأكل والشُرب بالتسمية في أوله، وحمده في أخره، وإن كان هذا عامًا في كل وقت لكنه متأكد فيها.

أيام التشريق هي أيام أكل وشُرب كما جاء في الحديث الشريف: “لا تصوموا هذه الأيام، فإنها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل”، كما أنها لإظهار الفرح والسُرور على الأهل والأولاد، بشرط أن لا يكون فرح شاغل عن طاعة الله تعالى، ولا مانع من التوسع في الأكل والشُرب دون أن يصل الأمر إلى حد الإسراف والتبذير أو التهاون بنعم الله تعالى.

ومن فضل أيام التشريق أن حجاج بيت الله الحرام يُكملون فيها مناسِكهُم، وغير الحجاج يختمونها بالتقرب إلى الله تعالى بالضحايا، بعد العمل الصالح في الأيام العشر من ذي الحجة، وينبغي على الذاكر أن يتدبر قوله ويفهم معناه، فذلك أدعى للخشوع والتأثر به، ومن ثم صلاح القلب، وتجتمع في هذه الأيام العظيمة نعمة الأبدان ونعمة القلوب، فالأبدان نعيمها بالأكل والشرب، أما القلوب فنعيمها بالذكر والشكر لرب العباد.

وينبغي للذاكر أن يتدبر الذكر الذي يقوله, ويفهم معناه فذلك أدعى للخشوع والتأثر به, ومن ثم صلاح القلب.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وأفضل الذكر وأنفعه ما واطأ فيه القلب واللسان, وكان من الأذكار النبوية, وشهد الذاكر معانيه ومقاصده.