معلوم أن الاجتماع البشري في تطور، تحدُث فيه أشياء لم تكن من قبلُ. دعت إليه الظروف واقتضتْها الأحداث، فما كان منها خيرًا كان لمَن أحدثَها ولمن سار عليها ثوابٌ، وما كان غير ذلك كان فيه العِقاب، فقد صحَّ في الحديث ” مَن سَنَّ في الإسلام سُنّةً حسنة فله أجرها وأجر من عمِل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شئ ومَن سنّ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر مَن عمِل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ” رواه مسلم وغيره .
والمسلم يطمئن بوجه عام إلى ما أحدثه الخلفاء الراشدون من خير؛ لأننا مأمورون باتباع هديِهم كما قال النبي ﷺ ” وإنه من يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا ، فعليكم بسنّتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ ” رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه. وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
وهناك أمور حدثت أول ما حدثت على أيدي الخلفاء الراشدين فصارت سنة مُتَّبعة، منها ما ذكره السيوطي في كتابه ” تاريخ الخلفاء ” ص 16 ، حيث قال : قال العلماء: أول مَن اتَّخَذَ بيتَ المال، وأول من سمَّى المصحفَ مصحفًا أبو بكر الصِّديق. وأول من أرَّخ بالهجرة، وأول من أمر بصلاة التراويح، وأول مَن وضع الديوان عمر بن الخطاب، وأول من زاد الأذانَ في الجمعة، وأول مَن رزق المؤذِّنين عثمان بن عفان .
ثم ذكر السيوطي أوليات لكثير من الخلفاء والأمراء والملوك لا يلزم الاقتداء بهم فيها ، فأكثرها دنيوي تنظيمي، يخضع لبيان حكم الشرع فيها من الأدلة المعتبرة .