للعلماء اجتهادات في هذه المسألة حيث لم يرد فيها نص خاصٌّ، والصلاة الواجبة هي خمس في كل يوم وليلة، والتكليف بها مرتبط بالأوقات المحدّدة لها متى وجدت. فإذا فقدت الأوقات تقديرًا كبلاد القطبين حيث لا تُشرق الشمس إلا كل ستة أشهر ثم تَغيب ستة أخرى، وهي في ظهورها تبدو الحركة في علو وهبوط كل أربع وعشرين ساعة، يمكن أن يقدر بها اليوم وتصلّى فيه خمس صلوات لكن عند غِيابها تكون المشكلة.
وقد صح في الحديث المروي عن الدَّجّال أنه يمكث أربعين يومًا، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر الأيام كأيّامنا. فسأله الصحابة ماذا يفعلون في اليوم كالسنة أتَكفيهم صلاةُ يوم ـ أي خمس صلوات ـ قال:” لا ، اقدروا له” رواه مسلم.
وطريقة التقدير كما نقلها النووي عن القاضي عياض: أنه إذا مضى بعد طلوع الفجر قدر ما يكون بينه وبين الظهر في كل يوم فصلَّوا الظهر ، ثم إذا مضى بعده قدر ما يكون بينها وبين العصر فصلَّوا العصر، وإذا مضى بعد بعد هذا قدر ما يكون بينها وبين المغرب فصلَّوا المغرب وكذا العشاء والصبح ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب وهكذا حتى ينقضي ذلك اليوم وقد وقع فيه صلوات ستة فرائض كلها، مؤداة في وقتها، وأما الثاني الذي كشهر والثالث الذي كجمعة فقياس اليوم الأول أن يقرّر لهما كاليوم الأول على ما ذكرنا والله أعلم.
هذا ما رآه الشافعيّة، وأمّا الحنفيّة فعندهم رأيان، رأي العلامة البرهان الكبير كرأي الشافعية وهو التقدير على النحو المذكور، واختاره الكمال بن الهمام في ” فتح القدير ” وأيّده كثيرون من علماء الحنفية، ورأي البكالي عدم وجوب الصلاة لفقد سببها وهو الوقت، لأن الحكم يدور مع السبب وجودًا وعدمًا، ووافقه على ذلك جمع من العلماء والقول الأول أقوى لأنّه قال به إمام مجتهد وهو الشافعي.