يقول الدكتور السيد صقر – رحمه الله تعالى –
الأمر بطبخ البصل والثوم ليس صادرا من النبي ﷺ ، وإنما من الفاروق عمر رضي الله عنه، بناء على كراهيته ﷺ لرائحة من أكلهما دون طهي ( نيئين) فعن معدان بن أبي طلحة أن عمر بن الخطاب : (قال إنكم أيها الناس تأكلون من شجرتين ما أراهما إلا خبيثتين هذا البصل والثوم ولقد رأيت نبي الله ﷺ إذا وجد ريحهما من الرجل أمر به فأخرج إلى البقيع فمن أكلهما فليمتهما طبخا) رواه الإمام مسلم في صحيحه، ورواه آخرون.
وكلام سيدنا عمر هذا سنة أيضا ، لأنه من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا الرسول ﷺ باتباع سنتهم.
يبقى بيان مفهوم الأمر بالطبخ : فالأصل أن أكل البصل والثوم نيئين مباح ، ولكنه يكره للرجال الذين يحضرون الجمع والجماعات في المساجد، ويحرم أكلهما كذلك قبيل الجمعة لمن وجب عليه حضورها منعا للتخلف عنها، فمن أكلهما كذلك فعليه أن يتخلف عن حضور الجماعة في المسجد منعا للأذي، فكل من تنبعث منه روائح كريهة بسبب أكل شيء له رائحة كريهة كالثوم أو البصل أو نحوهما يكره له دخول المسجد، ويرخص له في ترك الجماعة إن تعذر عليه إزالة ريحها، للأحاديث الصحيحة في ذلك، منها حديث ابن عمر أن النبي ﷺ قال: “من أكل من هذه الشجرة – يعني الثوم- فلا يقربن مسجدنا” رواه البخاري ومسلم، وفي رواية مسلم “مساجدنا” وعن أنس قال النبي ﷺ: “من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا، أو لا يصلين معنا” رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: “من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم” وحديث عمر السابق.
وألحق العلماء بذلك كل من به رائحة منتنة لأن العلة الأذى.
وعليه فالأمر بالطهي لا يكون للوجوب إلا قبيل الجمعة لمن وجبت عليه الجمعة، ويكون للكراهة قبيل الصلوات الأخرى لمن يسن له حضور الجماعة، ولكن تزول الكراهة عند الحاجة إلى أكلهما نيئين أو تعذر الطهي ، وهذا لا يكون بصفة مستمرة بحيث تضيع الجماعة في كل الصلوات.