ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”، وكان عليه الصلاة والسلام يرغب أصحابه في قيام رمضان ولا يؤمرهم فيه بعزيمة، ولكن كان يحثهم على ذلك ويرغبهم فيه عليه الصلاة والسلام، ويقول عليه الصلاة والسلام: “إن الله فرض عليكم صيامه، وسننت لكم قيامه، فمن صام رمضان وقامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”، وكان عليه الصلاة والسلام صلى بأصحابه عدة ليالي في مسجده ثم ترك ذلك، وقال: إني أخاف أن تفرض عليكم صلاة الليل.
أيهما أفضل صلاة التراويح جماعة أو منفردا في البيت
اختلف أهل العلم في أفضلية الجماعة أو الانفراد في صلاة التراويح :
-فمنهم من ذهب إلى أن الجماعة في صلاة التراويح أفضل من الانفراد، وهو مذهب الجمهور لحديث “من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة ” ولإجماع الصحابة على ذلك وعليه عمل المسلمين سلفا وخلفا.
-ومنهم من ذهب إلى أن الانفراد أفضل لحديث ” أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة”. رواه مسلم.
-ومنهم من فصل فذهب إلى من كان يحفظ القرآن ولا يخاف من الكسل ولا تختل الجماعة في المسجد بتخلفه فصلاته في الجماعة والبيت سواء، فمن فقد بعض ذلك فصلاته في الجماعة أفضل.
فالجماعة في التراويح أفضل كما صلاها النبي ﷺ والصحابة ، والقراءة تكون جهرية، وإن أسر فلا حرج، لكن الجهرية هو السنة، النبي ﷺ جهر والصحابة جهروا، وصلاة الليل كلها جهرية، وصلاة النهار سرية.
هل صلاة التراويح تصلى في المسجد أم في البيت
صلاة التراويح في المسجد مع الجماعة أفضل من صلاتها في البيت .
وقد دلت على ذلك السنة ، وفعل الصحابة رضي الله عنهم .
1- روى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ ، ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْقَابِلَةِ ، فَكَثُرَ النَّاسُ ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ : ( قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ ) وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ.
2- وروى الترمذي عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ –يعني في صلاة التراويح- حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ ) .
3- وروى البخاري عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ ، فَقَالَ عُمَرُ : إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ .
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- :
” وكان النبي ﷺ أول من سن الجماعة في صلاة التراويح في المسجد ، ثم تركها خوفا من أن تفرض على أمته . . . ثم ذكر الحديثين السابقين ، ثم قال :
ولا ينبغي للرجل أن يتخلف عن صلاة التروايح لينال ثوابها وأجرها ، ولا ينصرف حتى ينتهي الإمام منها ومن الوتر ، ليحصل له أجر قيام الليل كله ” انتهى باختصار .
هل كان الصحابة يصلون صلاة التراويح
جاء في الموسوعة الفقهية:
” وَقَدْ وَاظَبَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالْمُسْلِمُونَ مِنْ زَمَنِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنه عَلَى صَلاةِ التَّرَاوِيحِ جَمَاعَةً , وَكَانَ عُمَرُ رضي الله تعالى عنه هُوَ الَّذِي جَمَعَ النَّاسَ فِيهَا عَلَى إمَامٍ وَاحِدٍ . . . .
وَرَوَى أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ : سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ التَّرَاوِيحِ وَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ , فَقَالَ : التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ , وَلَمْ يَتَخَرَّصْ عُمَرُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ , وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبْتَدِعًا , وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ إلا عَنْ أَصْلٍ لَدَيْهِ وَعَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، وَلَقَدْ سَنَّ عُمَرُ هَذَا وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَصَلاهَا جَمَاعَةً وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَا رَدَّ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ , بَلْ سَاعَدُوهُ وَوَافَقُوهُ وَأَمَرُوا بِذَلِكَ ” انتهى .