اختلف الفقهاء في صحة أذان الصبي الذي لم يبلغ بين مجيز ومانع، والراجح جوازه.
وسبب الخلاف : هل البلوغ شرط في صحة الأذان أم لا ؟ و الفقهاء في هذا على رأيين :
الأول : أنه لا يعتد به، لأن الأذان إعلام، وهو لا يتأتى منه ، لأنه لا يقبل خبره ولا روايته .وهو قول أبي حنيفة وداود الظاهري .
الثاني: أنه يعتد بأذانه، وهو قول عدد من فقهاء التابعين والأئمة، نقل هذا عن عطاء والشعبي , وابن أبي ليلى , والشافعي ، وفيه حديث عبد الله بن أبي بكر بن أنس أن عمومته كانوا يأمرونه بالأذان ، فيؤذن لهم، وكان غلاما لم يحتلم ، وكان أنس بن مالك حاضرا.
وعقب الإمام ابن قدامة بقوله : “وهذا مما يظهر ولا يخفى , ولم ينكر , فيكون إجماعا” .
كما استدل من أجاز صحة الأذان بالقياس على صحة الصلاة، فإن الغلام تصح صلاته، فيصح أذانه.
ورد الجمهور على من رأى عدم جواز أذان الصبي لأنه لا يقبل خبره ولا شاهدته، أنه يقبل خبره فيما طريقه المشاهدة، كما لو دل أعمى على طريق المحراب ليصلي، ويقبل قوله في دخول الدار وحمل الهدية .
وهناك من فقهاء الشافعية من يرى أنه مكروه .
والراجح أنه يصح أذان الصبي، لأن عدم قبول شهادته ليست مطلقة، كما أن مقصود الأذان من الإعلام بدخول الوقت قد حصل ، شريطة أن يكون الغلام ممن يحسن الأذان.
وفيه وجه آخر، وهو لما كان الأمر له بالصلاة قبل وجوبها، لأجل أن يتدرب عليها، كان الإذن له في الأذان من باب التمهيد للصلاة، وربطه بالمسجد، وما يكون له من الأثر الطيب في تنشئته متعلقا ببيت الله تعالى ، وسعيه لإدراك ثواب الأذان، وهو تدريب عملي على التعود والتنشئة على العمل الصالح، وهو من مقاصد التربية في الإسلام.
على أن أذان الصبي يكون خلاف الأولى في وجود البالغين ممن يحسنون الأذان.