حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة.
من أدت جميع مناسك العمرة وهي حائض تكون قد أخطأت عدة أخطاء:-
1-أنها تركت الحياء يبلغ منها مبلغه حتى استحت أن تترخص بأحكام الحائض من ترك للصلاة والصيام والطواف…… أمام من معها، وكأن هذه الأمور من الكبائر ، وهذا من الحياء المذموم، ورحم الله نساء الأنصار ، ما كان يمنعهن الحياء من أن يتعلمن أحكام الدين، وقد كانت المرأة تسأل رسول الله ﷺ عن الحيض والغسل والاحتلام….. فما كانت ترى الحياء مانعا لها من ذلك.
ثم أي حياء في أن يتعلم من حولها إذا لم يكونوا يعلموا أن المرأة تمرض عدة أيام كل شهر بأمر فرضه الله عليها.
ألن يعلموا ذلك حينما يدرسون مادة الأحياء ؟
ألن يعلموا ذلك حينما يتكلمون مع أصحابهم وأصدقائهم؟
ألن يعلموا حينما يتزوجون؟
إن إخفاء ذلك باسم الحياء أو حتى تأخير الإعلام به عرف فاسد، وقد جنت من آثاره ما جنت، فهذا خطؤها الأول.
2- كان تقديسها لهذه القيمة ( قيمة الحياء المذموم والعرف الفاسد) أعظم في قلبها من تعظيم شعائر الله ومقدساته ، فدخلت المسجد وطافت وسعت وصلت… وصنعت بعض ذلك تمثيلا وإيهاما، وصنعت بعضه حقيقة، واعتذرت بأن الله عز وجل مطلع على قلبها، ولكنها نسيت أن الله كذلك حرم الطواف والصلاة على الحائض ( وفي دخول المسجد خلاف) والله عز وجل يحب أن تعظم شعائره، ويحب أن تكون خشيته أشد من خشية من سواه، يقول الله تعالى : ” …وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ (التوبة : 62 ) ويقول تعالى : ” لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13)
3-أما وقد طافت وكانت فيها حائضا:
فجمهور الفقهاء يشترطون الطهارة من الحيض لصحة الطواف، فمن طافت وهي حائض فلا طواف لها،
وقد ذهب الحنفية إلى صحة طواف الحائض، ولكن بتبعتين: الأولى : الإثم ، فمن طافت وهي حائض فهي آثمة، الثانية: غرامة مالية، أن تذبح بدنة ( بقرة ) .
وإذا أخذنا بالمذهب الحنفي هنا فيلزمها التوبة من هذا الإثم ( التبعة الأولى ) ويلزمها أن توكل أحدا هناك ليذبح عنها بدنة تكفيرا عن طوافها وهي حائض.
فلو لم تكون قد سعت بعد الطواف فإن هذا معناه أن عمرتها باطلة ، وأن عليها إعادتها ، وعليها أن تظل محرمة يحرم عليها ما يحرم على المحرمة منذ كانت في مكة وحتى تستأنف عمرتها من جديد، أي أن تعيش في بلدها محرمة، تجتنب ما تجتنبه المحرمة.
وإذا لم نأخذ برأي الحنفية ، وأخذنا برأي الجمهور- ومذهبهم هو الصحيح الذي تؤيده الأدلة- فإن مقتضى هذا أن نصل إلى نفس النتيجة التي قررناها الآن، وهي أن عمرتها باطلة ، وأن عليها إعادتها ، وعليها أن تظل محرمة يحرم عليها ما يحرم على المحرمة منذ كانت في مكة وحتى تستأنف عمرتها من جديد، أي أن تعيش في بلدها محرمة، تجتنب ما تجتنبه المحرمة.
ومن المحتمل أن تكون وقعت في شيء من محظورات الإحرام من وقت رجوعها لبلدها وحتى الآن، فما فعلته من محظورات الإحرام وهي جاهلة بحرمته فلا كفارة فيه على الصحيح من أقوال أهل العلم، وما فعلته من هذه المحظورات وهي عالمة بأنها باقية على إحرامها، وأن هذه محظورات لا يجوز فعلها ففيه الكفارة.
وقد ذهب الحنفية إلى أن سبق السعي بطواف واجب وليس شرطا ، ومقتضى هذا أن تكون عمرتها صحيحة إذا كانت أوقعت السعي قبل الطواف، ولكن عليها هدي لمخالفتها الواجب.